صالح الشايجي: “كلّنا في الهمّ شرق”

غالبيّة الكويتيين ـ وأنا منهم ـ نرى أنّ بلادنا تخلفت كثيرا وتسطحت فيها المفاهيم وتراجع فيها الوعي وانسحبت من بؤرة الضوء لتدخل كهوف الظلام.
وبيننا ـ نحن أصحاب تلك الرؤية ـ من هو متفائل بإمكان إصلاح الوضع، ومن هو متشائم ويرى استحالة إصلاح الوضع ويتمنى بقاءه على ماهو عليه خوفا من مزيد من التراجع والانهيار والتردّي ـ وأنا من هذا الفريق المتشائم ـ حيث لا أرى في الأفق بوادر تشي بخير.

المتشائم، سلبي بالضرورة ولن يفعل شيئا في سبيل تغيير الوضع وتحسين الحال، ما دام يدرك سلفا أن جهده سيضيع هباء، فقد وضع النتيجة قبل المحاولة وأغلق على نفسه نافذة الأمل ودخل في ديجور اليأس.

وما ينبغي أن ندركه جميعا أن التراجع والتدهور وسوء الأحوال ليس خاصيّة كويتية، بل هي تكاد تكون سمة عربية، تشمل جميع البلدان العربية ولا أستثني أنا منها سوى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، أمّا البقيّة فحالها حالنا ونحن وهي ينطبق علينا قول «شوقي» (كلّنا في الهمّ شرقُ)!

أكبر هذا التراجع نراه في مصر والتي كانت في سنين مضت تحلّق إلى الجوزاء، ولا أقول كانت تنافس دول أوروبا لأنها كانت مع بعضها على السوية نفسها وتتفوق على بعضها الآخر، حيث كانت حاضرة ومنارة شرقية تضيء للعالم بعض دروبه المعتمة.

ولْننظر لمصر الآن ولنرَ ماذا حل بها وصيّرها الى ما هي عليه الآن!

إنا على يقين بأنّ المصري هو أكثر حسرةً على بلاده، من حسرتي أنا على بلادي، لأنّ خسائره أكثر، فمن كانت تحلّق إلى الجوزاء باتت تتعثر خطاها على الأرض!

وكذلك لبنان ذلك البلد الأجمل والواحة لكل شيء، للحريّة والفكر والسياسة والفن والجمال والديموقراطية الأقرب للحقيقية، ما الذي يعصف به الآن وكيف صار؟

لن أفتح نهر الدموع على لبنان ولكن ثمّة شاهدا يغنيني عن التذكّر وذرف الدموع، وهو أن هذا البلد فيه رئيس حكومة مكلّف ولم يستطع تشكيل حكومته منذ ستة أشهر!

والعراق شاهدٌ دامٍ وباكٍ آخر على الحال وسورية شاهدٌ دامٍ أيضا وأيضا!

حتى تونس دخلت على الخط!

هل أعزّي نفسي بالقول السائد «من شاف بلاوي الناس هانت عليه بلواه»!

لا لن أقول، لأنّ بلاياهم هي بليّتي أيضا!

 

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.