أي احصاء او استبيان رصين وحقيقي يعلن في البداية عن ماهيته، قبل الاعلان عن نتائجه والاشارات او الدلالات التي تتمخض عنه. اي ان المسؤول عن الاحصاء او الاستبيان يحدد اولا كمية العينة، كما يشير الى نوعيتها، والى كيفية استمزاج رأيها وتحليل وضعها، لان الكم والنوع هنا بالذات لهما تأثير اساسي في اتجاه الدراسة ونتائجها.
منظمة الشفافية العالمية طايحة له من سنين بنشر تقارير عن الفساد في العالم. والكويت من ضمن هذا العالم بالطبع. وضع الكويت بالنسبة الى مكافحة الفساد في تردٍّ وتدهور بيّن. يزداد حسب زعم منظمة الشفافية في كل عام عن العام الذي سبقه. تتبنى هذه التقارير جمعية الشفافية الكويتية، التي تعيد نشرها، بينما تتولى المجاميع المعارضة للنظام او السلطة بهمة ترويجها باعتبارها احدى دلالات عدائية وانفراد وخراب السلطة او النظام بمجمله.
ليست هنا مشكلة فقد تكون الحكومة او السلطة او حتى النظام بمجمله فاسدا. لكن المشكلة الاساسية هنا هو اننا من المفروض ان نكون محصنين ضد الفساد وضد الاستغلال غير المشروع للسلطة. فنحن لدينا ديوان محاسبة ولجنة مناقصات ومجلس امة منتخب، ولدينا فوق كل هذا احمد السعدون ومسلم البراك ولجنة حماية المال العام، وكل المنظمات المدنية المسؤولة عن مراقبة اداء السلطة، بما فيها جمعية الشفافية نفسها!
لهذا فان الاتهام من المفروض ان يوجه الى الجهات الرقابية قبل ان يوجه للنظام. والاتهام سواء بالعجز او التآمر مع قوى الفساد يجب ان تتحمل مسؤوليته المؤسسات المدنية والسياسية المكلفة بمراقبة اداء السلطة والحكومة السياسي والاقتصادي والاداري.
ان جمعية الشفافية الكويتية، التي تروج لحقيقة تنامي الفساد في الكويت، مطالبة بنشر التفاصيل والمؤشرات او على الاقل الايحاءات التي تؤكد ذلك. حتى الان كل ما نسمعه ونقرأه ان الفساد يتزايد.. لكن احدا لم يقل لنا حتى الان عن اوجهه وعن الجهات الضالعة فيه.. فهل تتكرم جمعية الشفافية الكويتية بنشر التفاصيل والخطوط العامة لدراسات المنظمة الأم وتبيان مكامن واوجه الفساد.. حتى تتم مواجهته على الاقل؟
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق