أجمع خبيران في التنقيب الأثري والجيولوجي اليوم على ان موقع (بحرة 1) الأثري الواقع شمال جون الكويت يعتبر أكبر موقع تراثي يتم اكتشافه يعود للحضارة العبيدية التي سكنت المنطقة قبل أكثر من ثمانية قرون ومثلت انطلاق الانسان من القرى الصغيرة الى المدن.
وقال الخبيران في مؤتمر صحفي عقد في السفارة البولندية ان اهمية موقع (بحرة 1) تكمن في ما يحويه من أمثلة عن تبادل الحضارات وتلاقحها اضافة الى اعتباره يمثل احدى أولى القرى الانسانية التي كانت مستدامة حيث عاش فيها الانسان أكثر من 100 عام. من جهته اوضح الأمين العام المساعد لشؤون الآثار والمتاحف في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب شهاب الشهاب انه تم العثور في موقع (بحرة 1) على العديد من المنشآت التي تعود للحضارة العبيدية والتي كانت تشكل مجتمعا متكاملا وجسرا تجاريا وثقافيا بين حضارة بلاد الرافدين والمستوطنات البشرية الأخرى جنوبها على ساحل الخليج العربي مبينا ان القرية أو الموقع يعتبر من أكبر ان لم يكن الأكبر الذي يتم اكتشافه ويعود لتلك الحقبة القديمة في التاريخ البشري.
واضاف الشهاب في المؤتمر الصحفي الذي عقد لتسليط الضوء على احدث الاكتشافات العلمية للحملة التنقيبية المشتركة بين الكويت وبولندا ان البعثة البولندية بدأت بالتعاون مع الكويت ممثلة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بمجموعة صغيرة عام 2007 لتصبح الآن ستة فرق متعددة الاختصاص مقسمة على مواقع الكويت الأثرية العديدة.
واوضح ان من هذه المواقع جزيرة فيلكا وموقع الصبية وحتى التنقيب تحت ماء البحر الذي اصبح احد الاتجاهات الجديدة للحملة التنقيبية للاجابة عن عدة أسئلة ستساهم معرفتها بتشكيل الصورة الخيالية التي تشكل عن الحضارة العبيدية والمستوطنات البشرية المختلفة التي مرت بالمنطقة.
وأكد أهمية موقع (بحرة 1) لما يحويه من أمثلة عن تبادل الحضارات وتلاقحها آنذاك بالعثور على العديد من القطع الأثرية من فخار وغيرها تعود موادها وحتى زخارفها لحضارات ثبت وجودها في مناطق بعيدة جغرافيا مبينا ان الموقع ايضا يمثل احدى أولى القرى الانسانية التي كانت مستدامة حيث عاش فيها الانسان أكثر من 100 عام يثبت ذلك اعادة بناء وترميم عدة مبان احدها أربع مرات.
وقال ان من أفضل النتائج التي توصلت اليها هذه البعثات الأجنبية التعاون المثمر مع المتخصصين في المجالات المختلفة التي يتطلبها التنقيب الأثري وخصوصا الشباب منهم مشيرا الى سعي المجلس الوطني الى اعداد جيل جديد له الخبرة في هذا المجال “حتى يتسنى لهم الاستمرار في التنقيب العلمي والتخطيط الجيد لطريقة التعامل مع هذه المواقع سواء سياحيا او ثقافيا اوعالميا”.
من جانبه قال رئيس البعثة البولندية للتنقيب على الآثار في الكويت الدكتور بيوتر بيلنسكي ان أهم الاستكشافات في منطقة (بحرة 1) ان الحضارة العبيدية التي كانت تقطن الكويت في القرنين الخامس والسادس قبل التاريخ الميلادي كانت بؤرة وقمة الحضارة الانسانية في ذلك الوقت من حيث التطور السريع واستخدام الأدوات المختلفة ومنها المعادن.
واعرب عن اعتقاده ان القرية في الموقع كانت احدى أوائل القرى التي استمرت لفترات طويلة منذ ذلك التاريخ وانها كانت الانطلاقة الحقيقية للانسان للانتقال وبناء المدن الكبيرة حيث اكتفت ذاتيا من حيث المستلزمات الحياتية الأساسية من طعام واستطاعت من خلال صناعتها للاكسسوارات والحلي التجميلية المختلفة التبادل مع الحضارات المجاورة والقريبة.
وذكر ان البعثة توصلت الى ان القرية احتوت على الأقل على ثماني عائلات كان أفراد كل منها على الأقل عشرة أفراد وكان بينهم توافق وتواصل اجتماعي يمثله الاسلوب المعماري المتناسق والمتوافق مع بعضه بين المنشات والبيوت التي عثر عليها وعدد من المنشات الأكبر والتي احتوت على بقايا لمواقد نار يعتقد انها كانت معملا لتلك الاكسسوارات والحلي والسبب الرئيسي وراء ازدهار المنطقة.
وقال بيلنسكي ان ما تم العثور عليه من قطع فخارية مزخرفة بطرق حديثة مقارنة بالتي وجدت في اماكن قريبة يثبت تطور الحضارة العبيدية وخصوصا في هذه المنطقة بالتحديد بسبب تلاقحها الثقافي وتبادلها التجاري ما بين أقطار العالم آنذاك.
واعرب عن اعتقاد البعثة بان الأمطار الغزيرة كانت من أخطر العوارض الطبيعية التي شكلت خطرا على سكان المنطقة ويثبت ذلك وجود العديد من الأنفاق والممرات المائية ما بين المنشآت وفوق المباني المختلفة.
من جانبه اثنى السفير البولندي لدى الكويت جريجورز أولزاك بدور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تسهيل عمل البعثة البولندية مشيدا بجهود الشهاب “الذي كان عونا وصديقا لنا وسعى الى ان يكون التعاون ما بين الكويت وجامعة وارسو في بولندا مثمرا ومتواصلا”.
واوضح انه سعى والدكتور بيلنكسي الذي يترأس ايضا البعثات التنقيبية لعدد من الدول في الشرق الأوسط منها مصر وسوريا وليبيا والسودان الى ان تكون الكويت مركزا للبعثات البولندية المختلفة والقاعدة التي تتطلق منها البعثات للمناطق المجاورة.
واشار السفير أولزاك الى أهمية التبادل الثقافي والعلمي بين الدول لاسيما بين الكويت وبولندا والتعاون المثمر في الاجابة عن الاسئلة التاريخية للبشرية والتبادل المعلوماتي مع المؤسسات المتخصصة بين الطرفين.
قم بكتابة اول تعليق