عبداللطيف الدعيج: لنساعد الحكومة.. لنساعد أنفسنا

عندما يشعر البعض بان الحكومة او أيا من القيادات المسؤولة قد ارتكب خطأ، فان التسامح يصبح عملة صعبة، والتشهير والضجيج يتصدران الساحة بلا حياء وبلا احترام او تقدير لحق من طاله الاتهام، أو حامت حوله شبهات ارتكاب معصية او حتى خطأ عابر. طالما ان المسؤول حكومي فان الضرب تحت الحزام واجب، والمبالغة ضرورة، والقسوة من شروط اشهار الحس والاهتمام الوطني.

الادهى من هذا ان هناك إصرارا على تحميل السلطة او الحكومة وحدهما مسؤولية التدمير والعبث اللذين يطالان البلد. في الوقت الذي يتم استعراض المواطن او الناس بشكل عام كضحية بريئة لم تتمصلح ولم تصر على ممارسة الاخطاء او في الغالب دفع السلطة الى ارتكابها.

أغلب مشكلاتنا الحالية هي في المواطن ومن نتائج سلوكه ووعيه الذي نما وتجذر في ظل الطفرة النفطية. صحيح ان الحكومة قد ارتكبت في عفوية بعض الاحيان، وفي تقصد واصرار في احيان اكثر، صحيح انها ارتكبت اخطاء عديدة، ولكن الاصح من كل هذا ان هذه الاخطاء اصبحت «تقاليد» ونزعات اجتماعية للتعبير عن الطفرة النفطية، واتخذت خصوصية «كويتية»، ربما اصبحت بمعزل اصلا عن تأثير الحكومة او المؤسسات الرسمية المتهمة وحدها في الغالب في العبث والتدمير.

ان لدينا الكثير من الاخطاء، بل المآسي المفجعة، كلها اصبحت بفعل خضوع الاجيال الحالية لتأثيرات الطفرة النفطية عادات وسمات وظاهرات كويتية صرفة، ربما كانت الحكومة مسؤولة عنها او عن بعضها في البداية.. اما الان فهي سلوك ورغبات وملكيات وطنية لن تستطيع الحكومة وحدها التعامل معها.

لأن الحكومة هنا، مسؤولة عن المواطن الكويتي من المهد الى اللحد. فهي التي تعلم وتطبب وتربي وتوظف وتغسل وتدفن عند الممات ايضا، فاننا تعودنا بحكم هذا على تحميلها وحدها كل شيء.. بما في ذلك الاخطاء والخطايا التي نرتكبها كمواطنين هم في الواقع والاصل ضحية للطفرة النفطية.

حان الوقت الان للنظر الى مشكلاتنا وازماتنا ومآسينا على انها نتاج ومسؤولية وطنية. وان الناس، بالاضافة الى ظروف الطفرة النفطية، هم الذين خلقوها، وان الناس وحدهم القادرون والمسؤولون عن معالجتها، وليس الحكومة وحيدة.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.