سامي خليفة: دواوين الإثنين.. مرفوضة

تهديد المعارضة السياسية بالنزول إلى الشارع في حال صدر مرسوم ضرورة بتعديل الدوائر الانتخابية فيه ما فيه من التخبط والغلو وعدم وضوح الرؤية، إذ كيف يمكن مقابلة خطوة دستورية بامتياز من خلال دفع البلاد نحو عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي عبر زج الناس في نفق المطالبة بمنطق رأينا أو الطوفان؟ ولماذا لا تلجأ المعارضة إلى القنوات الدستورية السليمة في مواجهة أي مراسيم لا تنسجم وتطلعاتها ما دمنا نعيش في بلد ديموقراطي يحكمه القانون لا الفوضى؟ أليس بعض أفراد المعارضة اليوم – وعلى رأسهم أحمد السعدون نفسه – قد تعاملوا مع نفس الحيثية أثناء صدور مرسوم ضرورة بتعديل الدوائر الانتخابية مطلع الثمانينيات من خلال المشاركة في الانتخابات، ومن ثم التصويت على مراسيم الضرورة بالرفض أو القبول؟ فكيف لهم يرفضون أمراً لهم فيه سابقة قبول؟
وما يؤسف أن تدّعي المعارضة السياسية اليوم أنها حلقة مكملة لحلقات المعارضة السياسية السابقة في البلاد، من خلال إحياء دواوين الإثنين من جديد، وشتان بين دواوين الإثنين الرائدة الجامعة مطلع التسعينيات، وبين دواوين الإثنين المشبوهة والمفرّقة اليوم! دواوين الإثنين قبل الغزو العراقي للكويت العام 1990 كانت تحتضن كل أطياف المجتمع وخيرة رجالات الكويت المشهود لهم بالوطنية، وكانت تنادي بمطالب دستورية حقة تتمثل باستعادة السلطة التشريعية المغيّبة وعودة الحياة البرلمانية الغائبة منذ الحل اللادستوري لبرلمان 1985. بينما دواوين الإثنين اليوم لا تمثل إلا قليلاً من مكونات المجتمع يقودهم نواب لا صفة دستورية سليمة لهم، ويعانون الاضطراب والانقسام والتلكؤ والتردد، بل فيهم من المغالين وأصحاب الأجندات ومعظم تصريحاتهم تفوح منها رائحة المصالح الانتخابية الضيقة، وجل تحركهم المعارض قائم على رفض خطوة دستورية سليمة تعتبر حقا أصيلا لسمو الأمير لا ينازعه فيه أحد وهو إصدار مراسيم الضرورة بالكيفية التي يراها وضمن الاجتهاد الذي يصل إليه.
دواوين الإثنين السابقة كانت تمثل نقطة بيضاء في سجل تاريخ المطالبة بالحقوق السياسية والمشاركة الشعبية التي كانت تعاني سواد سلوك السلطة آنذاك، والذي توجته بمولود غير شرعي من خارج رحم الدستور سُمّي
بـ «المجلس الوطني» سرعان ما ألغاه الأمير الراحل بعد التحرير غير مأسوف عليه، بينما دواوين الإثنين الحالية تمثل نقطة سوداء في حاضر الكويت ومسارها الديمقراطي، كونها تدفع البلاد إلى المجهول ولا تلتزم الأدوات الدستورية السليمة في مواجهة الحراك السياسي العام في البلاد.
باختصار، شتان بين دواوين الإثنين في الأمس واليوم، إذ لا يمكن المقارنة بينهما أصلاً، وأحسب أن من يسعى للتشبيه بينهما هو في الحقيقة يريد تشويه الصورة الناصعة للمعارضة الوطنية الشعبية بجميع أطيافها وتعدّد مكوناتها قبل الغزو العراقي للكويت، بصورة أقل ما يمكن وصمها أنها لا تمثل الشعب الكويتي ولا إرادته ولا تلتزم أدب التعاطي الدستوري السليم. أمام تشابه المصطلحات فأدعو الشعب الكويتي من باب الأمانة التاريخية إلى الوعي من خطورة ربط دواوين الإثنين في الأمس بهذا الحراك غير المبرر اليوم وإن حمل يوم الإثنين شعارا له!
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.