نادرا ما تُطرح قضية إنسانية أو تطوعية ولا تجدها مشاركة بها ليس حبا في الظهور الإعلامي الذي أبعد ما تكون عنه، بل من المبدأ الإنساني الذي تنادي به دائما انطلاقا من قناعتها ونشأتها التي غرست فيها قيمة وأهمية المبادئ الإنسانية.
صوت صادح بالحق، ناصر للمظلوم، مدافع عن الضعفاء، مؤمن بأهمية الحريات والدفاع عنها، عاشق للعمل التطوعي والخيري الذي تجد فيه سعادة حقيقية لا تبتغي منه جزاء ولا شكورا.
مها البرجس اسم قد لا يكون ذا هالة إعلامية كبيرة ولكنه حتما ذو وقع خاص وأهمية مضاعفة في الميدان الفعلي وليس فقط على صفحات الصحف وشاشات التلفزة، فأرض الواقع عادة هي التي تحدد تحويل الأقوال الى أفعال، ومع البرجس تنقلب الآية لتصبح الأفعال أكثر من الأقوال انطلاقا من إيمانها بالحكمة القائلة: «الأعمال أفصح من الأقوال ومن يتفاخر كثيرا يعمل قليلا».
حقوق الإنسان
بعد التحرير مباشرة انضمت البرجس الى جمعية حقوق الإنسان التي شهدت على مراحل تاريخية في مسيرتها بدءا من إشهارها عام 2004 بعد انتظار دام أكثر من 12 عاما، حيث اعتبرت البرجس في حينها ان الإشهار سيزيد من قوة وفاعلية الدور الرسمي والشعبي للكويت في جميع المحافل، مؤكدة ان نشطاء حقوق الإنسان الكويتيين لهم تاريخ وخبرة طويلة في العمل الإنساني والحقوقي، وهو ما سيعطي القوة والفاعلية للجمعية من حيث الموقف في الدفاع عن القضايا الإنسانية سواء ان كان داخل الكويت أو خارجها. والبرجس نائب رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان والتي تم اختيارها ايضا في أبريل 2011 لتكون نائبا لرئيس مجلس الأمناء في المنظمة العربية لحقوق الإنسان حيث تشدد على ان الوعي والتربية والإعلام تشكل نقطة انطلاق لمعرفة مفهوم حقوق الإنسان، وإلقاء الضوء على السلوكيات الخاطئة في المجتمع نحو الآخرين، مؤكدة ان للإعلام دورا كبيرا في إرساء القواعد الأساسية لدعم خطى الجمعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان التي باتت مصطلحا دوليا يرتبط بمكانة واسم الدول.
المأساة الكبرى
قضايا كثيرة في مفكرة البرجس ولكن في طليعتها قضية البدون التي تصفها بـ «المأساة الكبرى» لعدم التفاعل مع هذه الفئة بإنسانية وحرمانها من حقوق بديهية تؤدي الى فقدانهم الأمان في المجتمع الذي ولدوا فيه وذلك انطلاقا من الحقوق الإنسانية التي كفلها الدستور الذي هو للكويتيين وغير الكويتيين على حد سواء. وتفاعلا مع الأحداث والتظاهرات الأخيرة لفئة البدون وقعت البرجس مع مجموعة من المهتمين بالشأن الإنساني مبادرة «كويتيون لأجل البدون» التي تسعى الى تفعيل برنامج عمل يتعامل مع كل القضايا الآنية والملحة التي يعاني منها «البدون» بالإضافة الى التعامل الشامل مع القضايا برمتها. وتدعو المبادرة الى التعامل بجدية مع قضايا البطاقة الأمنية والجوازات المزورة والقيود الأمنية وتوفير فرص عمل بشروط عادلة، والإفراج عن المحتجزين في الأحداث الأخيرة، وتجنيس المستحقين والتعامل الإنساني مع البقية.
وإسهامات البرجس في هذه القضية متعددة إن كان من خلال عضويتها في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان أو المنظمة العربية لحقوق الإنسان أو من خلال كتاباتها الصحافية العديدة في هذا المجال وجعل القضية أولوية بالنسبة إليها.
قانون العمل
عندما أثير اللغط حول قانون عمل المرأة عام 2007 كان للبرجس موقف اعتبرت فيه ان تحديد وقت توقف المرأة عن العمل، هو أمر خاطئ لأن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الكويت تنص على منع المرأة من العمل ليلا في الأعمال الشاقة، ولم تحدد وقتا لذلك.
حقوق المرأة
فزعة البرجس للمرأة ليست عرضية بل هي متأصلة وثابتة وجميعنا يذكرها عندما كانت واحدة من 400 كويتية تجمعن قبل اكثر من 12 عاما في مقر الجمعية الثقافية النسائية في الخالدية للتسجيل في جداول قيد الناخبين بعدما تمترسن خلف المرسوم الاميري الصادر في 16/5/1999 بمنح المرأة حقوقها السياسية من ترشيح وانتخاب حيث سجلت اسمها في مختارية منطقة الشامية.
ورغم نجاح المرأة في مجلس 2009 واخفاقها في 2012 الا ان البرجس لا تؤيد نظام الكوتا وتقول: ارفضه تماما، وافضل ان نعتمد على القوانين والقواعد الانتخابية العادية، فالعملية السياسية مبنية على الديموقراطية والكوتا تنقص من قدر الطابع الديموقراطي وقد يفرض من خلالها على الناخبين اشخاص لا يرغبون فيهم او ليسوا قادرين على خدمة قضايا المجتمع وهذا يكون ضد الصالح العام وضد المرأة وضد تطوير الواقع السياسي في الكويت.
كما ترى ان هناك ثقة كبيرة وبمعدلات عالية في المرأة الكويتية وادائها من قبل فئات المجتمع والدليل على ذلك ان اغلب الوظائف في الكويت تشغلها نساء، فالمرأة في الكويت وصلت الى مراكز ومواقع قيادية هامة وبرزت بها واثبتت انها لا تقل كفاءة او مقدرة عن الرجل بل ان انجازاتها تجاوزت انجازات الكثير من الرجال.
جمعية الخريجين
وتماشيا مع حرصها على اعلاء الصوت والتفاعل الحق مع القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبرجس حضور لافت ايضا في جمعية الخريجين التي شغلت عضويتها وامانة السر فيها حيث تشهد الجمعية على ايادي وافكار ومشاريع البرجس مع فريق عمل متكامل داخل الجمعية في تبني قضايا الدفاع عن حرية التعبير والرأي بالاضافة لمشاريع عملانية كمشروع ايجاد فرص وظيفية للخريجين وذلك بسبب وجود نسب بطالة عالية يعاني منها عدد كبير من الخريجين، بالاضافة للعمل مع شركات القطاع الخاص لفحص المتطلبات الموجودة في الشركات مع الخريجين الجدد حتى يتجه الشباب نحو العمل في القطاع الخاص.
وتفخر البرجس بكون الجمعية اكبر جمعيات النفع العام داخل الكويت من حيث عدد منتسبيها كما تفتخر ايضا بكون لجان الجمعية لديها اهتمامات ليس في داخل الكويت فحسب بل في الخارج، مثل لجنة «كويتيون لاجل القدس»، التي كانت في السابق تحت مسمى اللجنة العربية لدعم الانتفاضة وتغير اسمها بعد الغزو، بالاضافة الى لجنة التآخي مع الشعب العراقي وغيرها العديد من النشاطات.
الانتهاكات الصارخة
العمالة المنزلية ملف انساني آخر في جعبة البرجس التي يشغلها ما تعانيه هذه الفئة من انتهاكات صارخة لحقوقها سواء ان كان عبر الاهانات المتعاقبة جسديا أو معنويا اضافة لعدد ساعات العمل وعدم دفع الرواتب ما يؤدي بطبيعة الحال لتراكمات نفسية سلبية توصل الى الانتحار.
الا ان اكثر ما يحزن البرجس هو اعتبار الخادم بمثابة عقار او قطعة مملوكة خاصة عندما تقرأ عن شخص يرغب في التنازل عن الخادم دون اي اعتبار للقيم الانسانية. وكثيرا ما نادت البرجس بضرورة طي ملف العمالة وخاصة بالنسبة للمشاكل المتعلقة بإقامتهم التي تعتبرها مسؤولية كل مواطن على جميع الاصعدة، وان ما ينقص آلية الحل هو العملية التنظيمية،حيث ان التشريعات القانونية موجودة لحماية حقوق العمال والكفلاء، اضافة الى محاربة الواسطة التي تلعب دورا في وجود تجار الاقامات.
تنظيم سوق العمل
العمالة المنزلية فرع من مشاكل إنسانية عديدة يعاني منها قطاع العمل خاصة مع تجار الإقامات، حيث تعتبر البرجس ان وجود هيئة لتنظيم سوق العمل هي بمنزلة خطوة مهمة للتخلص من العمالة الهامشية وقطع الطريق على ممارسات تجار الإقامات إذ نادت دائما عبر الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بضرورة إلغاء نظام الكفيل ووضع قانون يطبق ويفعل مع تشكيل هيئة أو شركة لتنظيم سوق العمل لإنهاء مشاكل العمالة وانعكاساتها على سمعة الكويت.
وطالبت مرات عديدة بأهمية تضافر الجهود جميعها من أجل اسم الكويت وعدم المساس بها والتي جبلت على أعمال الخير والإنسانية داخل وخارج الكويت، وذلك في موضوع التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان التي تدين الكويت من جراء تصرف بعض الشركات أو الكفلاء، لذلك تعتبر انه يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة مع مكاتب العمالة التي يصدر بحقها اكثر من شكوى، بالإضافة الى تطبيق عقوبة رادعة بحق هؤلاء الذين يسيئون لاسم الكويت.
التوافه «تطفو» على السطح
سياسيا، وبنبرة من الأسى ترى البرجس ان البلد تسيطر عليه القضايا الصغرى التي أصبحت أولويات ولها الأهمية الكبرى وطفت على السطح السياسي الكويتي «التوافه» والثانويات التي بدورها خلقت الأزمات السياسية في البلاد، وابتعد بعض النواب عن القضايا العامة التي تعود بالنفع على الكويت وتعتبر ان البلد «حاله واقف» والكل يعلم ذلك من تراجع العملية التعليمية وتردي الأوضاع الصحية وسوء المرافق العامة والبنية التحتية، مشيرة الى وجود الدراسات التي تقول ان المعدل الفعلي لساعات العمل في الوزارات والقطاع الحكومي الكويتي وصل الى 5 دقائق يوميا من اجمالي ساعات العمل الـ 8، وهذه كارثة خطيرة يجب الالتفات اليها.
التفاؤل بالمستقبل
ومن منطلق ان لكل مشكلة حلا تتفاءل البرجس بالمستقبل وتتأمل بمقدرة الحكومة بالقضاء على المشكلات والأزمات حتى يستطيع البلد والحكومة وجمعيات النفع العام وغيرها العمل، معبرة عن رفضها لتضليل الشارع عن القضايا الأساسية كـ «الإيداعات المليونية»، مشيرة الى ان هذه القضية وضعت حتى مجالس الأمة السابقة في قفص الاتهام ومن الضروري حلها.
البرجس في سطور
حصلت «مها البرجس» على بكالوريوس علوم سياسية 1986-1987 من «جامعة الكويت لتتدرج بعدها في الوظائف الآتية:
التدرج الوظيفي
فبراير 1988- مايو 1997 باحثة سياسية بديوان سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.
مايو 1997- يوليو 2003 مراقبة السكرتارية العامة بإدارة شؤون الإدارة العامة والسكرتارية بديوان سمو ولي العهد
سبتمبر 2002 ـ إلى الآن مديرة إدارة السكرتارية العامة بديوان سمو ولي العهد وللسيدة مها البرجس ولع بالعمل التطوعي بل انها تراه هو العمل الحقيقي والعطاء المخلص، وبناء على هذا التصور، فقد اقتحمت العمل التطوعي من أوسع أبوابه، لتلج منه الى بوابة الخير والثواب، وقد عملت في المجالات الآتية:
٭عضو مجلس إدارة جمعية الخريجين الكويتية
٭ عضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان
٭ عضو الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية
٭ عضو جمعية الهلال الأحمر الكويتي
٭ عضو جمعية الصحافيين الكويتية وكاتبة صحافية
قم بكتابة اول تعليق