عبدالرحمن العوضي: لا تتركوا الفرصة تفوت علينا

نعيش هذه الأيام لحظات تاريخية تعتمد كثيرا على القرار الذي نتخذه، لأن مستقبل الكويت أصبح الآن على المحك، كما نعيش فترة من عدم الاستقرار الفكري والسياسي والاجتماعي والمالي، لأن الكل يشكو من عدم اتخاذ القرار، فعدم اتخاذ القرار المناسب سيضيع علينا المستقبل، وإذا أخطأنا فلن تعود الفرصة مرة أخرى، والخطأ تتبعه أخطاء وندخل في دوامة لا نعرف إلى أين ستأخذنا وخاصة أن المنطقة كما نعلم جميعا تمر بحالة عدم استقرار وكل ذلك تحت أعذار وأسماء مختلقة، مع انني أعتبر أن السبب الحقيقي وراء المشاكل الحقيقية هو الصراع بين الأجيال.
فالجيل الجديد قد نضج وأصبح يتطلع إلى دور رئيسي في إدارة شؤون البلاد ماديا وسياسيا واجتماعيا وحتى برلمانيا، ولكن آمالهم لن تتحقق بسهولة، لأننا لا نعرف المستقبل الذي يجب أن نعمل على تحقيقه.

فالسؤال أين المفر؟ نحن أمام مرحلة تاريخية دستورية حرجة، وهناك خطأ في حل برلمان 2009 وانتخاب برلمان 2012، والخطأ بينته المحكمة الدستورية وأصدرت حكمها بحل برلمان 2012 وعودة انتخابات جديدة وفق الأصول الدستورية التي يجب اتباعها وهذا قرار لا رجعة فيه، وهناك كلام كثير حول أسلوب الانتخاب وتوزيع المناطق الانتخابية، لأن تقسيم الكويت إلى خمس مناطق مع أربعة أصوات لكل ناخب أثبت من دون شك خطأه، وبينت لنا أن التكتلات والتجمعات والتحالفات قد أنتجت لنا أسوأ برلمان، لأن الأغلبية المحافظة استطاعت أن توحد جهودها وتتجمع في ايصال ممثليها إلى المجلس، أي انه لا بد أن تتخذ أي وسيلة جديدة حتى لا نقع في نفس الخطأ، وتكون نتيجة الانتخاب تمثل واقع الرغبة الشعبية، ومعنى ذلك أن خمس مناطق وأربعة أعضاء خيار انتخابي خطأ يجب ألا يتكرر، وحسب إحصاءات وإجراءات رياضية وإحصائية دقيقة لكي يصل إلى المجلس خير ما يختاره الشعب، نحتاج إلى تغيير المناطق أو أسلوب الاختيار للأشخاص لكل منطقة. فهناك من ينادي بصوت واحد، وهناك من ينادي بصوتين، وآخر بثلاثة أصوات وينادي آخر بإلغاء المناطق وجعل الكويت منطقة واحدة ولكل فرد صوت واحد.

حتى نحل هذه القضية نحتاج إلى خبراء في مجال الانتخابات حتى نصل إلى العدد المطلوب من ممثلي الشعب يعكسون بصدق رغبات الشعب الكويتي بعيدة عن الميول الطائفية والحزبية والقبلية والفئوية والعائلية .

وحتى يتحقق ذلك نحن بحاجة إلى وقت، ومن دون إعطائنا الوقت الكافي وإجراء التقييم الدقيق إلى ما وصل إليه الوضع في الكويت، فلا أعتقد أننا نستطيع أن نحقق هذا الأمل. وخير وسيلة في نظري لإعطاء الوقت الكافي هي اكتفاء حضرة صاحب السمو بحل مجلس الوزراء الذي لم يتمكن من التفاهم مع مجلس الأمة وتشكيل وزارة جديدة يقسم رئيسها أمام مجلس 2009 دون الحاجة إلى اللجوء إلى حل مجلس 2009، لأن وجوده هو المبرر القانوني الوحيد الذي سيعطينا الوقت الكافي لتعديل أوضاعنا بالصورة الصحيحة، وعلى مجلس 2009 أن يكمل دورته التشريعية الباقية لمدة سنة تقريبا، نكون قد وصلنا إلى الحقيقة وأي إجراء سنتخذه في أي تغيير للمناطق أو أسلوب التصويت سيصدر عن مجلس شرعي موجود يقوم على تبني التغيرات المناسبة بالاتفاق بين الحكومة والمجلس.

هذه فرصة في نظري مثالية ولا تقلل من أهمية دور مجلس 2009 في هذه الفترة الحرجة وبيدنا الأسلوب القانوني الدستوري لأي تغييرات نرغبها حتى لا تتكرر مأساة 2012.

إنها فرصة ذهبية لتهدئة الأمور والنفوس في حل الوضع الحرج الذي نعيشه، ويكفينا مهاترات ومزايدات عن مجلس 2009 وأعطوا الفرصة للمحاكم والنيابة لكي تصحح ما ورد من إدعاءات وافتراءات على اعضاء مجلس الأمة والحكومة السابقة، ورغم كل هذه الإدعاءات والافتراءات إلا ان مجلس 2009 فيه أغلبية جيدة ومتفاهمة وتعمل مع الحكومة فيما يحقق مصلحة الأمة، فلنعطهم فرصة كافية وهو حق لهم دون أي قانون او مخالفة وتعمل بانسجام مع الحكومة لمصلحة البلد.

وعسى أن تهدأ النفوس ويتغلب المنطق والعقل على العواطف الجياشة ولا نحاكم الناس على نواياهم بل على أعمالهم، ولكن لن يتم ذلك إلا من خلال القانون والقانون فقط، وكان الله في عون الكويت ما دام هناك من يرعى مصالحه ممثلا في حضرة صاحب السمو الأمير الذي اعتبره الدستور المرجع الأخير والملاذ من كل أذى يتعرض له المواطن.
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.