حسن كرم: لحظات حبس الأنفاس… الأنسب استقالة الحكومة

واجهت الحكومة في خلال الأيام الماضية سيلاً عارماً من الاستجوابات البرلمانية (ستة استجوابات دفعة واحدة) التي لو حملت موضوعات جدية لانهارت الحكومة وربما انهارت السلطتان معا، غير أنها لم تبد على تلك الاستجوابات الجدية أو رغبة في الاصلاح بقدر ما بدت شخصانية وللفت الأنظار والإثارة (شو) خاصة إذا أدركنا أن غالبية النواب المستجوبين مستجدون على الحياة البرلمانية وخبراتهم لا تتجاوز ألف باء العمل السياسي. ولعل تهافت هؤلاء على الاستجوابات قبل صدور حكم المحكمة الدستورية الذي من شأنه تحديد مصير المجلس ان بجهة الحل أو الاستمرار كان أحد العوامل النفسية الضاغطة على هؤلاء النواب.
وبالعودة إلى الاستجوابات والتي قضاها النواب سهرة إلى فجر اليوم التالي. لعلها السابقة الأولى صعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب في جلستين علنيتين متتاليتين، الأمر الذي لم يسبق حدوثه من قبل. وفي تقديري لو لم يكن رئيس الوزراء واثقا من ضعف الاستجوابات وتأييد الغالبية النيابية له لكان هناك حديث آخر، غير أن ما أنقذ الموقف هو عدم اقتناع النواب بالاستجواب في وقت فسره البعض بعدم التصعيد وانهاك الحكومة في مرحلة مطلوب فيها التركيز على الإنجاز.
وفي كل الأحوال صعود رئيس الوزراء منصة الاستجواب قد يبدو ظاهرة كويتية مستجدة تسجل للحكومة وتسجل تحديدا لرئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الذي كرر في أكثر من مناسبة احترامه للدستور والتزامه بمسؤولياته، وهذا ما قد يفسر أن الحكومة قد نزعت من قلبها الخوف وأن الاستجواب ليس غولاً أو بعبعاً يختطف الحكومة إذا تمكنت من أدواتها وأدائها.
وإذ خرج رئيس الوزراء فائزاً من مباراة الاستجواب دون تسجيل أهداف عليه إلا أن ذلك لم يكن بالنسبة لوزيرة التخطيط رولا دشتي التي قدمت نفسها قربانا لإنقاذ الحكومة وتحديدا رئيس الوزراء، وكان عليها أن تشعر بأن المستجوبين لا يعنيهم محتوى صحيفة الاستجواب ولا يعنيهم ردودها، بقدر ما أرادوا من الاستجواب مصيدة وسلاحا للانتقام وإجبارها على الاستقالة (!!) إنها يا مولاي السياسة التي تحلل الضرب تحت الحزام وإن لم ينفع فالقتل السياسي حلال. لذلك كان يجدر بالوزيرة رفض صعود المنصة لكون الاستجواب شخصانيا ويستهدفها بشخصها ولكونه غير دستوري لأن برنامج عمل الحكومة ومشاريع وخطط التنمية تعود مسؤوليتها إلى رئيس الوزراء الذي يرفع برنامج عمل الحكومة باسمه ويذيله بتوقيعه..!!
لقد صعدت الوزيرة المنصة ونجحت بالدفاع عن نفسها وعن مسؤولياتها، فلم تتهرب أو تتوارى خلف الذرائع والأسباب أو تتذرع بالنصوص الدستورية والقانونية. مع أن ذلك كان من حقها فلو طلبت إحالة صحيفة الاستجواب إلى اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية لكان أغلب الظن طُعن بدستوريتها.
إن المستجوبين وكلهم مستجدون على الحياة النيابية شاؤوا أن يضعوا أنفسهم أدوات في خدمة ذوي المصالح والأجندات السياسية.
وليس تقديم قائمة طرح الثقة بالوزيرة رولا قبل صعودها منصة الاستجواب إلا دليلاً على العبث والاستخفاف واستغلال قاعة المجلس للطعن وتصفية الحسابات…!!
وبالأيام القادمة وهي أيام يمكن وصفها بالقاطعة والحرجة سواء لوضع المجلس (الحل أو لا حل) وسواء للحكومة التي بانتظار وضع وزيرتها رولا للتصويت على كسب الثقة أو سحبها، يبقى حبس الأنفاس هو العنوان الأبرز الذي يبدو على السياسة وإلى حين الدقيقة الأولى من كلمة المحكمة الدستورية في حكمها المرتقب في الـ(23) من الشهر الجاري.
ولكن ماذا عن الحكومة؟ فثمة تكهنات وتسريبات مفادها أن ثمة تعديلا حكوميا سوف يطول عددا من الحقائب الوزارية إن بالتدوير أو بالتغيير، ولكن هل هذا كاف لحكومة متهمة بالتقصير والعجز؟
فالتدوير لم يكن انجازا، بل لعله هروب من البوابة الخلفية لاسيما أن هناك حالات مماثلة حدثت مع وزارات سابقة ولم تكن ناجعة، علما بأن الوزارة الحالية تضم عناصر جيدة وكفؤة، إلا أنها ليست الوزارة المأمولة لنقل الكويت إلى ضفاف التنمية الشاملة وتحقيق حلم المواطنين بعودة العصر الذهبي الذي ساد وباد، فالفريق الوزاري إذا لم يكن متجانساً ومتضامناً، لن يحقق النجاح والإنجاز والعبور إلى المستقبل.
لذلك فالأسلم تشكيل وزارة جديدة تتوافر في اعضائها شروط الكفاءة والتضامنية والانسجام.
ليتذكر رئيس الوزراء مقولته (تأخرنا كثيرا) فما هي أدواته لإنقاذ الوضع كي نتقدم كثيرا..؟!!

< توقعات علي الراشد:
إذا صحت توقعات علي الراشد حل المجلس والانتخابات فبراير المقبل، يبقى على رئيس الوزراء الاعتذار واعتزال العمل السياسي، لقد حلت ثلاثة مجالس في عهده وبذات الأسباب، فماذا بعد..؟!!

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.