أحمد الجارالله: افتحوا الأبواب… تدخلوا جنة “شنغن”

المعاملة بالمثل من بديهيات العلاقات بين الدول, وهي ما يجب أن يفهمه الكويتيون قبل أن يذهبوا الى الاتحاد الأوروبي لاستجداء السماح لهم بدخول دوله من دون تأشيرة “شنغن”.
الكويتيون لن يتميزوا عن غيرهم في هذا الشأن, وعليهم ألا يعتقدوا أنهم شعب الله المختار, إذا طلبوا أمرا استجيب لهم على الفور, ولا يتوهموا أن الكويت جنة عدن يتهافت الناس على زيارتها والتمتع بمعالمها السياحية المبهرة, فنحن ليس لدينا ما يغري لزيارتنا, فلا مرافق ترفيه, ولا تسهيلات للسواح كما هي الحال في بعض الدول المجاورة التي لم تتوان بعض الدول عن منح مواطنيها حق دخولها بلا تأشيرات.
ماذا لدينا حتى يميزنا الاتحاد الأوروبي عن غيرنا؟ انظروا حولكم, ماذا لديكم كي تقدموه للآخر ليعاملكم بالمثل؟ أليس في كل موسم من مواسم الاجازات يكتظ المطار والمعابر الحدودية بالكويتيين والوافدين المغادرين الى الدول الاخرى؟
الاتحاد الأوروبي لم يمنح مواطني دولة الامارات حق الدخول إليه من دون تأشيرة مجانا, بل لأن الامارات لديها من التسهيلات الجاذبة للسياح أكثر بكثير مما لدينا, ولهذا فالأوروبي يدخل الامارات غير خائف على حريته وحقوقه المضبوطة بقوانين إماراتية صارمة.
المملكة المتحدة منحت مواطني سلطنة عمان وبعض الدول الخليجية الاخرى حق دخولها من دون تأشيرة أيضا, لأن تلك الدول وضعت القوانين الكافلة لحرية السائح, ولديها بنية تحتية سياحية مغرية, فماذا لدينا نحن في الكويت؟
قبل ان تطلبوا من الدول الأخرى السماح لكم بدخولها من دون تأشيرة, عدلوا قوانينكم, وأولها خفض سن الزائرة التي يمنع دخولها اذا قل عمرها عن أربعين عاما, حتى من يريد استقدام أخته لزيارته لا تمنح تأشيرة إذا كان عمرها دون ذلك, وهذا ما اشترطتموه على الصينيين حين سمحتم لهم بدخول البلاد من دون تأشيرة.
ماذا ستقولون للأوروبي اذا رغب ان تزوره ابنته او شقيقته التي يقل عمرها عن أربعين عاما, بل اذا رغبت أوروبيات لسن في الاربعين وما فوق هل ستسمحون لهن بدخول البلاد, أما أنكم ستشترطون على من يأتي سائحا ان “يمشي مغمض العينين” ليتمتع بـ “أجوائنا الحلوة”.
وهل ستسمحون بدخول الشباب, أم ستمنعونهم لوسامتهم وبحجة أنهم قد يفتنون النساء أم ستختارون الزوار على الصورة؟
نخاف على عاداتنا وتقاليدنا إذا تعلق الأمر بزائر للبلاد, لكن أن يذهب الكويتي الى أوروبا وينسف العادات والتقاليد من جذورها فهذا أمر عادي له, فيما ممنوع على غيره إذا زار الكويت ان يمارس حريته في المأكل والملبس والسياحة.
علينا الاقتناع ان مشكلتنا ليست في سماح الدول الأخرى لنا بدخولها من دون تأشيرات, بل هي كامنة في قوانيننا التي لا تسمح لأحد بأن يفكر في زيارتنا حتى “ترانزيت”, بالاضافة طبعا الى “شوفة الحال” التي تعمي البصر والبصيرة عن رؤية الواقع على حقيقته.
مشكلتنا في القوانين المتخلفة, وقوى الضغط الاجتماعي الأكثر تخلفا التي تريد إقفال البلاد, وتبكي في الوقت نفسه على تأخرها عن الدول المجاورة.
منذ أشهر نشهد حملة للمطالبة بالتباحث مع دول الاتحاد الاوروبي لالغاء تأشيرة “شنغن”, وبعض وفودنا النيابية موجودة حاليا في بروكسل لهذا الشأن, لكن قبل ذلك, هل نظرنا في قوانيننا وعدلناها لتتماشى مع الحد الادنى من القوانين الاوروبية؟ هل وصلنا الى قناعة أننا بقوانيننا نساهم بعزل أنفسنا عن العالم؟
دخول الكويتيين دول الاتحاد الاوروبي من دون تأشيرة أزمة لدينا نحن فقط, أما شعوب تلك الدول فلا تكلف نفسها عناء البحث في ما اذا تسهل الكويت دخولها أم لا, فهي ببساطة لا تجد ما يغريها لدينا لزيارتنا, ولهذا فإن الاوروبيين يفضلون الدول المجاورة حيث يجدون كل سبل الراحة. اذا كنتم تريدون ان تعاملكم الدول كما تعامل بعض الشعوب الخليجية, فكونوا كتلك الدول وشعوبها, وبعدها لكل حادث حديث.

أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.