سليمان الخضاري: مشكلتي مع خطاب الغالبية

ما مشكلتي مع الغالبية الحالية؟
سؤال واجهني به الكثيرون وواجهت نفسي به أيضا، ففي ظل اعترافي بالأزمة العميقة التي تعانيها الحكومة على المستوى الإداري وعلى مستوى المشروع السياسي ككل، ما السبب الذي يمنعني من الوقوف مع الغالبية في خطابها مرتفع السقف والداعي لحكومة منتخبة ونظام برلماني واسع الصلاحيات؟
في الحقيقة فإن مشكلتي هي ذات شقين، الأول مرتبط بخطاب الغالبية والذي أراه متناقضا بشدة ويحوي جملة من التوجهات الإقصائية عنصريا وطائفيا، والشق الآخر مرتبط بقفز خطاب الغالبية على واقع غير مؤهل للحكومة البرلمانية ويحتاج الكثير من إعداد الأرضيات التشريعية والإدارية والسياسية والاجتماعية وغيرها، قبل المطالبة بحكومة برلمانية والتوجيه في هذا الاتجاه.
في الشق الأول فإن خطاب الغالبية غير مطمئن على الإطلاق في موضوع الحريات والتعايش بين فئات المجتمع، بل إن هنالك من قوى الغالبية من أصبح خطابه قرينا للتطرف والتحريض المذهبي والعنصري على الدوام، ناهيك عن ملاحظة مساهمة الكثير من رموز الغالبية في عملية الزحف المتواصل على النظام الإداري والتنفيذي في البلاد واختراق القانون من خلال التوسط للأقارب والموالين، وهذا ليس من التجني في شيء، فزيارة واحدة لأي مرفق حكومي ستكشف لك حجم الاختراق النيابي للعمل التنفيذي ودعم المقربين منهم للحصول على مناصب معينة وغيرها من مصالح مختلفة.
إن سلوك الغالبية لا يرقى بها لتكون ذات مشروع مناقض، فغالبية المنتسبين لها ينطلقون من مرجعية اجتماعية أو سياسية يعلم الجميع خضوعهم وانقيادهم لها وتكريسهم لنفوذها من خلال مسايرتها في الخطاب الشعبوي الفارغ، فقيادة الغالبية لم تسمُ لمراتب صانع القرار والثقافة التغييرية التي تواجه الجمهور بمشاكله وبذل الجهد لتغييرها، بل لعل الملاحظة الدقيقة لسلوك الغالبية تثبت انتفاعها من مسايرة التشنج الحاصل في واقعنا الاجتماعي والسياسي لدرجة طرح السؤال بخصوص عدم وجود رغبة حقيقية لتغيير الثقافة السائدة من أجل الاستفادة من هذا الواقع ولأقصى درجة.
في الشق الثاني فهنالك الأسئلة الحائرة حول ترتيب الأولويات المفضية لتهيئة الأرضية اللازمة لقيام نظام برلماني كامل وموسع، فالواقع يشهد أن القفز بالنظام السياسي برمته في اتجاه التوسع الكبير دون تحضير جيد قد يفضي لأمور لا تحمد عقباها، وهنالك الأسئلة المحرجة بخصوص الآليات المتبعة حال مقاومة السلطة التنفيذية لأي تغيير للنظام البرلماني الحالي وفق الأدوات المتاحة دستوريا والتي تمنح لرأس الدولة حق رفض أي تعديل بما يعني ضرورة وجود توافق بين الإرادتين الشعبية وإرادة القيادة السياسية لتحقيق التغيير المنشود، فما خيارات الغالبية حال رفض السلطة لأطروحاتهم، وهل تتجه الأمور لمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، وماذا سينتج عن هذا كله؟!
كل هذه أسئلة برسم الغالبية… وحتى نتلقى الإجابة، فسنظل راكنين للطرح الذي يجنح للحد الأدنى من الاستقرار السياسي والاجتماعي المتوافر حاليا في الكويت… ويبقى الحال على ما هو عليه… وعلى المتضرر… اللجوء للمنطق… وحكمة التجربة!

Twitter: @alkhadhari

المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.