يقول الصحفيون التونسيون الذين تعرضوا للتضييق والرقابة لعشرات الأعوام إنهم من بين أكبر الرابحين من الانتفاضة التي أسقطت الرئيس زين العابدين بن علي في عام 2011. لكن الآن أثار كتاب أعده مكتب بالرئاسة التونسية وسرب على الإنترنت ضجة في الأوساط الصحافية هناك.
يتضمن الكتاب الواقع في 350 صفحة وعنوانه «الكتاب الأسود» قوائم لصحافيين تونسيين وأجانب زعم أنهم تعاونوا مع الرئيس السابق وعملوا على الترويج له بصورة إيجابية.
وقال رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء، أحمد الرحموني، إن «فكرة الحصول على شفافية أكبر مقبولة على وجه العموم». وأضاف: «ما أحبط الناس هو وجود مثل هذه القائمة السوداء الواضحة».
وأشار إلى أن «التداعيات التي ترتبت عن نشر هذا الكتاب كانت في مجملها تداعيات سلبية. وأنه هناك رفض للمنهج وليس رفض للموضوع».
ومنذ أقل من أسبوع سنت تونس قانون العدالة الانتقالية الذي طال انتظاره والذي سيسمح بكشف حقيقة حكم بن علي ويساعد تونس في التصالح مع الماضي، ويتضمن القانون تشكيل لجنة الحقيقة والكرامة التي سيعهد لها بالخوض في أرشيف البلاد.
ويتضمن «الكتاب الأسود» أسماء صحافيين وأساتذة جامعيين وفنانين ولاعبي كرة قدم يزعم أنهم ساعدوا في تحسين صورة بن علي وتقاضوا أموالاً مقابل ذلك في بعض الأحيان.
ويزعم الكتاب أنه يسلط الضوء على نظريات الدعاية التي استخدمها بن علي. وأشاد البعض به باعتباره يفضح فساد الماضي. لكن كثيرين يقولون إن للكتاب دوافع سياسية وهدد بعض من وجدوا أسماءهم فيه باللجوء إلى القضاء.
وقال مدير تحرير مجلة «كابيتاليس الإلكترونية»، رضا الكافي، إنه «هناك عملية انتقام وتشفي من شخصي ومن خلال شخصي أيضاً من جريدة كابيتاليس الإلكترونية التي -والقراء يعرفون هذا- لديها خط نقدي إزاء الترويكا وإزاء رئاسة الجمهورية».
وأضاف أن اللجوء للقضاء هو السبيل الوحيد لتبرئة ساحته. وقال: «يجب أن أذهب إلى القضاء لأنير الحق، لآخذ حقي، لأدحض ما أذيع من رئاسة الجمهورية في هذا الكتاب».
ونفى مكتب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وجود أي دافع سياسي وراء نشر هذا الكتاب، قائلاً إن الكتاب أعده موظفون سياسيون من أرشيف خلفه بن علي.
ويقول مسؤولون إن الرئاسة أعدت ذلك الكتاب بينما تنتظر الموافقة على قانون العدالة الانتقالية، لكنها لم تستهدف أن يصل إلى جمهور عريض. ولم يتضح بعد كيف نشر على الإنترنت.
وقال مدير ديوان رئيس الجمهورية والمتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، عدنان منصر، إن «الهدف ليس أبداً التشفي والدليل على ذلك أنه لم يكن الهدف مطلقاً نشر هذا الكتاب ولا توزيعه على نطاق واسع، لكن الأمور تجاوزتنا نتيجة ذلك التسريب» مؤكداً على أنه صعق بخبر التسريب وعلم به مثل كل التونسيين.
وعلى الرغم من ترحيب البعض بـ«الكتاب الأسود» باعتباره خطوة على طريق المحاسبة فإنه فجر موجة من الجدل والنقاش والغضب إذ يقول كثيرون إنه لا مكان لقوائم سوداء في تونس الجديدة.
قم بكتابة اول تعليق