إذا كانت الكويت “إمارة دستورية” كاملة الدسم حسب تصريح السيد أحمد السعدون، وكما كتب عدد من الزملاء، فهذا يعني أن الكويت والبحرين والأردن والمغرب لا تختلف بدرجة “الملكية الدستورية” عن النرويج وكندا والسويد، وقبل كل تلك الدول المملكة المتحدة، التي دشنت ثورتها “المجيدة” (كما يصفونها) عام ١٦٨٨ مبدأ الملكية الدستورية، لكن مادام الكثيرون يرون أن الكويت “إمارة دستورية” فليكن، ولنعتبر تصريح السيد أحمد السعدون للشباب نوعاً من الدعوة إلى التهدئة في طرح التكتل الشعبي، الذي مثل خطاب السيد مسلم البراك في الدعوة للإمارة الدستورية أقصى يسار المعارضة، بينما مثل التجمع السلفي أقصى يمين الأغلبية المعارضة حين رفض الأحزاب والحكومة البرلمانية وتقريباً كل برنامج الأغلبية، بينما يقف رئيسه خالد السلطان في موقف مبهم لا نعرف “كوعه من بوعه”، ويبقى نواب حدس في الأغلبية بين البينين، وبالكلام الشعبي بين “المايتين”، ويعرفون تماماً كيف تؤكل الكتف. ويبدو أن الضرب على وتر الإمارة الدستورية لم يعد يطرب آذان دعاة الإصلاح السياسي من الشباب فارتضوا بالدعوة للحكومة البرلمانية، والسماح بـ”الهيئات السياسية”، وهذه “الهيئات” لا يمكن فهمها بغير التصريح للأحزاب السياسية بالعمل العلني الحر، فلماذا غيروا التسمية؟… لا أدري! كيف سننتهي من حالة الضياع الدستوري اليوم، وهل في جيب السلطة الحاكمة، وهم شيوخ الديرة (الدولة العميقة)، أي تصور للمستقبل السياسي للبلد؟ وهل سيقبلون بالتغيرات الحادثة والقادمة في المنطقة أم سنظل على نفس الحال نراوح مكاننا إن لم نكن نتراجع للخلف على جميع الصعد، حالنا من حال الخطوط الجوية الكويتية الداثرة…؟ والسؤال نفسه يجب أن يوجه إلى “الأغلبية” المعارضة… نسألهم في أي ميناء سترسون؟ ميناء محمد هايف وأسامة مناور ووليد الطبطبائي، أي الميناء الرسمي للدولة الدينية المستبدة التي تنفي الآخر وتهدر الحريات الإنسانية، أم ستظلون تجدفون في بحار معتمة لا ترون فيها بر الأمان…؟! هل لكم أي تصورات للوضع الاقتصادي للدولة في وقت تطل على العالم ملامح ركود اقتصادي يرافقه تدني أسعار النفط كبضاعة الدولة اليتيمة، أم ستظلون ترفعون شعارات الفساد والمفسدين كلوحات انتخابية عريضة؟ وهذه دعوات حق لكنها لا يجوز أن تكون ذريعة لإخفاء حقيقة غياب برنامج عمل اقتصادي للمستقبل! أسئلة كثيرة تتردد في رؤوس قلقة من مستقبل غامض، لا أجد لها إجابة لا عند شيوخنا ولا مشايخنا… دعوها تسير على البركة بحكم العادة الكويتية المتأصلة.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق