خالد الجنفاوي: عقلية المُهايطةُ: صِياحُ وجَلَبَةٌ بِلا مَعْنَى

توجد عقليات ضيقة الأفق لن تتمقرط مهما جرى ضخها بالمعلومات والمبادئ الصحيحة حول الديمقراطية البناءة, فهذا النوع من العقليات “هياطية” الأفق-إذا أردتم- أي تمارس التهويل وتشويه الواقع المحلي, والتهديد, والتطاول على الآخرين بهدف المفاخرة وإثبات الكاريزما المزيفة. 

شخصياً, أواجه أحياناً بعض الصعوبات في التعامل مع هكذا عقليات متخشبة اذ يصعب إقناعها بالمنطق والعقلانية حول سوء ما تقول, وسوء ما تفعل, فالعقلية المدمنة على المبالغات الصارخة, واللف والدوران, والالتفاف المستمر حول المبادئ والقيم الديمقراطية يصعب ثنيها عن غيها وعتهها وطيشها, وإدمان التهويل حول المشكلات الاجتماعية, والاقتصادية, والثقافية المحلية سمة “تميز” العقول المغلقة على نفسها والتي تعتقد أنها دائماً, على صواب والآخرين دائماً وأبداً على خطأ فقط لأن الشخص الآخر قدم رأياً مختلفاً عما تحمله العقول, المدمنة على المماحكة. الجدل والجدال والمماحكة والبحث المستمر عن المنازعات الأيديولوجية الفارغة يدل على خواء هذا النوع من العقول وعدم قدرة هذا النوع من الأفراد على ربط أقوالهم بأفعالهم. فترى هذا النوع من بني البشر, والذين أدمنوا تشويه واقعهم المحلي بقصد إثبات فشل الطرف الآخر لا يحتملون الايفاء الكامل بواجبات وبمسؤوليات المواطنة الحقة, بل ثمة شق واسع بين ما يطلقه هذا النوع من الاشخاص من شعارات ديمقراطية رنانة, وبين ما يحدث على أرض الواقع, فتهويلهم لما حولهم هو بشكل أو بآخر دليل على عدم ديمقراطيتهم وعدم قدرتهم تقديم حلول عملية للمشكلات الاجتماعية, والاقتصادية, والتعليمية.
الحكماء وذوو الرأي يدركون جيداً أن ما وراء الصياح والجلبة, والتي تفتعلها بعض العقليات التماحكية يدل على فشلها الذريع في فهم واستيعاب المعاني الحقيقية للحرية والديمقراطية. فبدلاً من ممارسة حرية رأي وتعبير بناءة تعكس المعاني الحقيقية للحرية المسؤولة, تدمن العقلية التماحكية (المهايطة) تشويه المثل والقيم الديمقراطية المتعارف عليها في عالم اليوم, بل يؤدي صياح وجلبة وتهويل وتطاول العقلية التماحكية إلى إبراز الجانب السلبي في ممارساتها اليومية. فمن يعتنق الصراخ والتهويل ولغة التهديد للتعامل مع ما يجري حوله في الحياة اليومية هو انسان فقد قدرته على عيش حياة متكاملة وإيجابية. فمن يهول, ويهايط, ويحاول تشويه ما يحدث فعلاً في مجتمعه بهدف إبراز نفسه بطلاً مغواراً أو زعيماً ديمقراطياً, شخص فقد اتزانه الفكري وتجسد في شكل ديماغوج مهيج للجماهير يحاول إشعال الاضطرابات الاجتماعية المدمرة.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.