حول نشأة الدول العربية الحديثة يذكر الدكتور علي فخرو «ان أغلب الدول العربية القُطرية الحالية هي خلق وصنع أجنبي استعماري، أي انها لم تكن حصيلة تطور مجتمعي لتلبية حاجاته الذاتية في تنظيم نفسه وبناء مختلف جوانب حياته والدفاع عن كيانه ضد أعدائه» وقد حدث ذلك التصنيع وقت كان الحق الحصري المتعلق برسم حدود الدول العربية حكرا على فرنسا وبريطانيا بما عرف باتفاقية سايكس بيكو.
يمكن تشبيه «سايكس» و «بيكو» بأنهما مقاولان لبناء الدول أو المضارب أو المنازل العربية غير أنهما لم يكملا البناء وتركا المنازل سوداء (عظم) وحين تنادى بنو يعرب ليسكنوا في بيوتهم الوطنية الجديدة جلبوا معهم خيامهم وعصبياتهم وإبلهم وأقحموها داخل البيت الجديد ولم يهتم أحد باستكمال البيوت وتزويدها بالشبابيك والأبواب والطلاء، فكانت النتيجة عدم صمود هذه المنازل عند أول ريح صرصر عاتية.
انشغلت الدول الوليدة، وقتذاك، برفع الأعلام والشعارات والأناشيد الوطنية وتكوين الجيوش وساد التهميش والإقصاء وغابت التنمية المتوازنة وإرساء قواعد الدولة الحديثة وتم تدمير المجتمع المدني القديم، ولم يهتم أحد بإقامة دولة المواطنة التي تتكامل فيها الدولة مع المجتمع ولعل ذلك ما يفسر هشاشة الدول العربية وقابلية مكوناتها الاجتماعية للتناحر والشقاق.. والاشتعال!
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق