لا أحد يستطيع أن ينكر ما تعانيه الدولة اليوم من تأخر في تنفيذ المشاريع الطموحة ومن تعطل لعجلة التنمية ومن غياب واضح لسياسة واستراتيجية حكومية تستطيع انتشال البلد من الحالة التي وصل إليها. قطاعات الدولة المختلفة عانت وما زالت تعاني والوضع من سيئ لأسوأ، فالاستقرار السياسي معدوم، والتوافق الحكومي – النيابي لم يتحقق بعد، مع استنفاد الطرق والوسائل كافة بالإضافة إلى استبدال الأسماء وتغير التحالفات والتكتيكات، ونتيجة لذلك، أصبح ( مكانك راوح ) هو المثل الذي بالفعل ينطبق على واقع الحال في جميع مناحي الحياة.
هذا الأمر ليس غائبا عن صانع القرار السياسي، فالروتين والبيروقراطية وطول فترة الدورة المستندية ساهمت بشكل مباشر في تأخر إطلاق العديد من المشاريع وإلغاء بعضها وفي وصول العديد منها إلى أروقة المحاكم. كما أن شبهة التنفيع والواسطة طغت على الكثير من المشاريع، ولا يحتاج كلامي لدليل سوى الرجوع إلى تقارير ديوان المحاسبة المتخمة بمخالفات جهات الدولة المختلفة في تنفيذها لمختلف المشاريع للتأكد ليس إلا! كما أن سوء أداء بعض إدارات الدولة ونقص الكفاءة وغياب مبدأ الثواب والعقاب هي عوامل أخرى تسبب تعطل المشاريع والقائمة تطول!
وعى الديوان الأميري لذلك وحاول مساندة السلطة التنفيذية، فأطلق العنان لسلسلة من المشاريع الضخمة والحيوية، ولعل آخرها ما نشر في الصحف المحلية حول ترسية مناقصة تصميم وإنشاء وصيانة مجمع عبدالله السالم الثقافي في منطقة السالمية الذي سيمتد على مساحة تفوق الخمسين ألف متر مربع وبقيمة تبلغ 416 مليون دولار، علما بأن الديوان قام بطرح مناقصة أخرى بقيمة تصل إلى 835 مليون دولار لتطوير مشروع جابر الأحمد الثقافي المزمع إنشاؤه في ساحة العلم وقصر السلام.
كما تلمس الديوان بعضا من حاجات المواطنين، فقام بطرح مناقصة سترسى قريبا لتوسعة مشروع مستشفى الجهراء بالإضافة إلى قيامه بتنفيذ مشروعي مجمعي محاكم الفروانية والجهراء واللذين من المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذهما في سبتمبر 2015. وختاما، فإن الديوان يقوم حاليا بتطوير أعمال حديقة الشهيد التي ستفتتح برعاية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد رسميا في أبريل من العام المقبل.
ولعل هذا المجهود الواضح للديوان الأميري، ما هو إلا انعكاس لتلبية تطلعات الشعب ورغباته وفي تحقيق طموحاته لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري.
ولكن لا أعتقد أن هذا هو الحل الأمثل لمعالجة حجم المشاكل والاختلالات التي تعانيها الأجهزة الحكومية المختلفة، وإلا أصبح تحويل كل مشروع حيوي إلى الديوان الأميري هو الحل الأمثل لتنفيذ هذا المشروع تجنبا للبيروقراطية وطول الدورة المستندية ولضعف أداء بعض الجهات الحكومية. كما أن قيام الديوان بتنفيذ مثل هذه المشاريع، ولو ابتعدنا قليلا عن المسببات القانونية والغطاء التشريعي لمثل هذه الخطوات، يعني بكل بساطة قيامه بمهام وواجبات أجهزة الدولة التنفيذية المختلفة وإبعاد مسؤوليها عن المحاسبة السياسية والوطنية.
إنه من الأجدى حقا أن نعالج مكامن الخلل، وأن تبدأ السلطة التنفيذية في رسم السياسات والخطط والاستراتيجيات وفي سن التشريعات والقوانين التي تساهم في الحد من البيروقراطية والروتين وطول الدورة المستندية ومن تفشي الواسطة والمحسوبية لعل وعسى أن يكون ذلك علاجا لمرض تعطل التنمية الذي أصاب الكويت وشل تطورها. كما يجب ألا يتم إثقال الديوان الأميري، الذي يعد من أهم رموز السيادة في الدولة، بمهام هي من صلب عمل السلطة التنفيذية وذلك بسبب عجزها عن قيامها بدورها المنشود!
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق