خالد الجنفاوي: الأحزاب السياسية: جَه يكحِّلْها عَمَاها

“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” (ال عمران 103 ).
لا أعتقد أن ثمة ضرورة لإشهار “الأحزاب السياسية” في الكويت بزعم تطوير الممارسة الديمقراطية. فما سيرسخه التفكير الحزبي التقليدي في ظل ديمقراطية كويتية معتدلة ومتناسقة وتوافقية هو ترسيخ تنافس شخصاني وسلبي للغاية من أجل تحقيق أغراض مشبوهة. بمعنى آخر, المطالبة بإشهار الأحزاب في بيئة وطنية واجتماعية كويتية لا تقبل الفرقة والتشتت في نسيجها الاجتماعي المتماسك هي بشكل أو بآخر تبدو محاولة غير حكيمة لبث الفرقة والتشتت والتنافس بشكل عشوائي وسلبي للغاية. فالمطالبة بقانون للهيئات السياسية وإشهار الأحزاب هما وجهان لعملة واحدة, وهما بشكل أو بآخر تعتبران تجاهلاً متعمداً عن تحقيق متطلباتنا المعاصرة: تنفيذ خطط التنمية- التنمية البشرية- تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي- تطوير الخدمات العامة- تطوير التعليم.
لا أزال أعتقد أننا نتمتع في الكويت بنهج ديمقراطي يتطور تلقائياً وفق سياقات تاريخية واجتماعية مناسبة ومعتدلة. أي أننا نمتلك حالياً من الوسائل والآليات الديمقراطية الحرة ما يغنينا عن حصر تطورنا الديمقراطي في ضرورة إشهار الأحزاب السياسية! فليس بالضرورة أن نحتاج الى تأسيس الأحزاب في الكويت ما دام لدينا قدرة على ممارسة ديمقراطية بناءة وتوافقية وتطورية, بل وليس مشروعاً من الناحية الأخلاقية وطبقاً للمبادئ العقلانية واستنادا الى التوقعات المنطقية محاولة إرغام النهج والتفكير الحزبي وفرضه غصباً على عامة الناس فقط لأنه يعكس توجهات أشخاص معينين ليس بالضرورة أن يعبروا عن الرأي العام في الكويت. فما يُعرف عن النفس الحزبي التقليدي هو تناقضه الفج من ولاءات ومواثيق تاريخية وأخلاقية يصعب إزالتها من الذهن الكويتي العام.
بل من المفروض أن يلتفت بعض المطالبين بإنشاء الأحزاب أو الهيئات السياسية الى أهمية تكريس مبادئ وسلوكيات المواطنة الحقة في مجتمعنا الكويتي. وهذه الأخيرة “المواطنة الحقة” ستتحقق فقط عبر تكريس ممارسات ديمقراطية تعكس الميول الفعلية والرغبات الحقيقية لأغلبية أهل الكويت. ككويتيون يرغب كثير منا في تكريس مزيد من التواصل الانساني البناء فيما بيننا, ومزيد من التعاضد الأخوي والألفة وليس ترسيخ سلوكيات وتصرفات وتفكير حزبي كاره للآخر ارتكز تاريخياً على التنافس المحتدم ومحاولة إقصاء أبناء الوطن الآخرين. فلعل وعسى.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.