محمد رمضان: لا فائدة من فرض ضرائب على الشركات الوطنية

أحد أهم الفروقات الجوهرية بين الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة هو نظرتهما لموضوع كيفية فرض الضرائب. فيرى الجمهوريون العدالة في تخفيض الضرائب على الجميع سواء كانوا من الأثرياء أو الفقراء، فلا يجب أن يعاقب الغني على اجتهاده في كسب الرزق بنسبة ضرائب أعلى من الفقير. وفي المقابل يرى الديموقراطيون العدالة في تقليص الفارق في الدخل بين الغني والفقير. فهم يؤيدون رفع نسبة الضرائب على الأغنياء وتخفيضها على الفقراء من اجل تحقيق العدالة في توزيع الدخل نظرا لأن الغني يكسب رزقه بسبب من هم أفقر منه وبسبب ما يوفره له البلد من قوانين وأمن وبيئة صالحة جدا للأعمال. فأي كانت نظرتنا للموضوع سنجد أن هناك منطقا وعدالة حسب الزاوية التي نرى منها، فالجمهوريون يرونها من جانب تحفيز الغني على الاجتهاد في كسب الرزق، والديموقراطيون يرونها من جانب أن الجميع مساهم في رزق الأغنياء لذلك يجب أن يقل الفارق بين الغني والفقير.

لكن عند التمعن في تصريح وزير المالية الكويتي الأخير حول الضرائب وفرضها أو زيادتها على الشركات الوطنية قد لا نجد سوى غياب للمنطق. فإذا كانت المشكلة في ارتفاع تكاليف الدعم، يمكن مثلا تخفيض أو الغاء الدعم عن أصحاب الدخل العالي. وكمثال على ذلك يمكن تصور مصنع يحقق أرباحاً كبيرة من المناقصات الحكومية وغيرها ثم يدفع جزءا من أرباحه للدولة مقابل الدعم الكهربائي. أي يسدد للدولة تكاليف الدعم من الأرباح ولا يسدد شيئاً في حالة الخسارة. أما إذا كانت المشكلة في تنويع مصادر الدخل، فيجب أولا بناء القطاع الخاص وتقليل اعتماده على المشاريع والمناقصات الحكومية، ثم تقليل أعباء التوظيف على الحكومة وأخيرا جذب رؤوس أموال أجنبية تساهم في خلق قطاع خاص أكثر جاذبية. ففرض الضرائب على الشركات الوطنية لن يدعم القطاع الخاص، بل على العكس سيزيد من نفور رؤوس الأموال الوطنية لدول أخرى وبالتالي زيادة عبء التوظيف على الحكومة.

واليوم وبعد أكثر من نصف قرن من انتاج النفط، تظهر حاجة الكويت لقطاع خاص نشط وفاعل ومتنوع أكثر بكثير من حاجة الكويت إلى أموال ضرائب جديدة على الشركات الوطنية. فإذا كان التجار هم أعداء الشعب كما يتصور البعض، فلا أعرف من سيقوم بتوظيف العمالة الوطنية بالقطاع الخاص. ومن يشك في ذلك يمكنه أن يتأكد من زيادة أعداد المسرحين بشدة بعد الأزمة المالية العالمية التي أثرت سلبا في التجار والقطاع الخاص بالدرجة الأولى.

ففي النهاية نحن دولة ريعية تسيطر الحكومة فيها على منابع الثروة، وفقد شعبها ثقته بقدرة الحكومة على إدارة ثروات البلد. فكيف يمكن أن يستفيد الشعب من مبالغ الضرائب على الشركات الوطنية إذا كانت كل أموال النفط لم تثمر إلا رداءة في جميع الخدمات وإحباطا شديدا لمختلف شرائح المجتمع؟ فإذا كان هناك ما لم أستطع استيعابه من تصريح وزير المالية فأتمنى أن أحصل على توضيح يبين المنطق أو الفائدة الحقيقية للضرائب على الشركات الوطنية في الوضع الراهن. أم أنها مجرد تصريحات تطلق بالهواء لإحداث فرقعات هنا وهناك دون أي تأثير على أرض الواقع؟!

محمد رمضان

rammohammad@

كاتب وباحث اقتصادي
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.