لست من الواثقين أو من المصدّقين بأن ما يجري في مصر من أعمال شغب وقتل وتفجير، هو من فعل «الإخوان المسلمون» – لا من حسن ظن بهذه الجماعة – ولكن لكونها أهون وأقل شأنا وأضعف من أن تفعل ذلك الذي يجري في مصر.
ما يجري في مصر هو مخطط أكبر من الجماعة ومن حجمها الفعلي والواقعي، و«الجماعة» مثلها مثل «القاعدة» التي باتت ستارة لأفعال كثيرة ترتكب ويتم إمضاؤها بختمها.
ومن الصعب التنبؤ بما سيجري في مصر والأصعب هو التفاؤل بأن الأمور ستمضي على خير وأن المستقبل مشرق وما هي إلا «أزمة وتعدي»!
بل من الواقعية أن نفكّر بأن الأمور ستسوء أكثر لا من حيث ما يتصل بمصر، بل بتعميم الصورة المصرية لتصبح صورة عربية أو شرق أوسطية بالكامل.
أمّا ما هو السبب ولماذا يتم هدم دول قائمة آمنة مستقرة، فذلك مرده إلى أن هذا العالم أو هذا الكون الصغير المسمى بالعالم العربي، لم تبرهن دوله على أنها دول قابلة للاستمرار، أو أنها قامت على أسس متينة تحفظ بقاء الدولة مهما عصفت بها أو حولها العواصف.
في العراق – أولا – سقطت الدولة المركزية الديكتاتورية ذات اليد الحديدية والقبضة الفولاذية، لتضحي وكأنها كومة من قش ذرتها الرياح في أول هبوبها.
وتعمّمت صورة العراق على دول عربية أخرى، ففي لبنان مثلا لا وجود للدولة، وصار صاحب السلاح فيها ومن يملك إرادة القتل والتفجير هو الحاكم الفعلي للبنان، أمّا لبنان الرسمي برئيسه وحكومته وجيشه فهو مجرد ديكور بروتوكولي للدولة اللبنانية المتوارية.
في فلسطين «حماس» وفي مصر وتونس «الإخوان المسلمون» وفي لبنان «حزب الله» وهنا وهناك وفي بقع متناثرة «القاعدة»، وهي كلها عناوين وأسماء للتخفّي وأقنعة يبدلها صاحبها وقتما يشاء.
هذا يثبت أن العالم عجز عن ترشيد حكام هذه الدول وعقلنتهم ومحاولة إدخالهم منظومة الدول وإخراجهم من فكرة الهيمنة والحاكم الأوحد والحزب المهيمن، ولم يجد أمامه سوى هدم هذه الدول وإعادة بنائها بالطريقة العصرية الحديثة للتخلّص من الإزعاج التي تمثله هذه الدول بصورتها التقليدية.
«الإخوان المسلمون» و«حزب الله» و«القاعدة» و«حماس» هم أسماء لا أفعال!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق