الملا: رئيس وزراء شعبي من دون أحزاب غير ممكن

أوضح النائب صالح الملا أن ما نعيشه اليوم هو استمرار للفوضى السياسية التي تعيشها البلاد منذ عشر سنوات على الأقل، مشيرا إلى أن حكم المحكمة الدستورية وسع صلاحياتها وسقفها لمناقشة وإبطال إجراءات مراسيم سيادية كانت في السابق خطا أحمر.

وقال الملا في حديث لــ القبس: يجب أن نفرح بهذا مهما كانت النتيجة، إن عودة مجلس 2009 سيئ الذكر لم يكن خبرا سارا، لا سيما أن مجلس 2012 جاء بإرادة ورغبة شعبيتين، ولكن نعزي أنفسنا بأنه منذ اليوم لا يمكن أن ترفض «الدستورية» أي دعوى بالنظر في المراسيم السيادية بعد هذه السابقة.

واعتبر الملا أن الاغلبية النيابية لم تلتزم بما وعدت به في ساحات الإرادة والتغيير والصفاة، متسائلا: كيف تأخذ قضية إعدام المسيء للذات الإلهية والمقام النبوي الشريف وأمهات المؤمنين الأولوية على حساب القوانين الأخرى مثل الأحزاب السياسية والدائرة الواحدة؟

وفي ما يلي نص الحوار:

● كيف تقرأ الساحة السياسية في الوقت الحالي، لاسيما بعد حكم المحكمة الدستورية بطلان مرسوم دعوة مجلس 2012 وعودة مجلس 2009 مجددا؟

ـ إن ما نعيشه اليوم هو استمرار للفوضى السياسية التي تعيشها البلاد منذ عشر سنوات على الأقل، وعانينا في مجلس 2009 من الفساد السياسي وتورط ثلث أعضائه في قضايا مالية سياسية، وتمت إحالتهم إلى النيابة العامة بتهم تتعلق باستلامهم رشاوى سياسية، وتجاوزت حكومة رئيس مجلس الوزراء السابق إلى مراحل لم يسبق لأي رئيس مجلس وزراء أن وصل إليها بانتهاك الدستور والتجاوز على القانون وبشطب الاستجوابات وتأجيلها لمدة سنة، وإحالة بعض تلك الاستجوابات إلى المحكمة الدستورية، وغيرها من التصرفات التي ليس لها غطاء دستوري أو قانوني.

وأرى أن قرار حل مجلس الأمة 2009 كان مستعجلا نظرا للضغوط الشعبية التي مورست في تلك الحقبة، وأوصلنا رأينا هذا إلى سمو أمير البلاد عندما تمت دعوتنا للقائه قبل الحل بـ24 ساعة، وقلنا لسموه إن الحل المكتمل الأركان يكون عبر تشكيل حكومة جديدة بعد أن يتم تشكيلها من رئيس مجلس الوزراء الجديد سمو الشيخ جابر المبارك، ثم قسم تلك الحكومة أمام سموه، حتى لا يتم الطعن في المرسوم، ولكن للأسف لم يحدث ذلك، وجاء حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2012 وعودة مجلس2009.

لابد من الإشارة الى أن هناك وجهتي نظر في ما يتعلق في حكم المحكمة الدستورية، الأول أنه لم يسبق للمحكمة أن ألغت مرسوما أميريا متعلقا بشأن سيادي، والآخر يذهب إلى التشكيك في أن هناك مؤامرة دبرت في ليل، ولكن أرى أن حكم المحكمة الدستورية وسع صلاحياتها وسقفها لمناقشة وإبطال إجراءات مراسيم سيادية كانت في السابق خطا أحمر، وبالتالي يجب أن نفرح بهذا مهما كانت النتيجة، وأؤكد أن عودة مجلس 2009 سيئ الذكر لم يكن خبرا سارا، لا سيما أن مجلس 2012 جاء بإرادة ورغبة شعبيتين، ومنذ اليوم لا يمكن أن ترفض «الدستورية» أي دعوى بالنظر في المراسيم السيادية بعد هذه السابقة.

● كيف تقيم مجلس 2012 المبطل دستوريا وأداء الغالبية النيابية فيه؟

– الشعب الكويتي قال كلمته في انتخابات مجلس 2012 المبطل بحكم المحكمة الدستورية، ويجب أن يحترم هذا الاختيار، ورؤيتي هي أن المجلس لم يخرج أداؤه عن المجالس السابقة المتعاقبة، وفي كل البرلمانات في العالم يوجد الجيد والسيئ، ولكن ما يميز هذا المجلس أنه جاء بنواب قريبين من التيارات الدينية، والخاسر الأكبر كان التيار الوطني.

وأداء أغلبية 2012 بالنسبة لي كمواطن لم يلب طموح أهل الكويت، وكانت المطالب الشعبية واضحة ومحددة، وأقصد المطالبات الإصلاحية التشريعية التي كنا قد أيدناها في الانتخابات السابقة، مثل قانون استقلالية القضاء الذي تبنيته وكنت أول من قدمه في مجلس 2009 هو، والذي كنا قد اتفقنا مع مرشحي الدائرة الثالثة على تقديمه فور وصولنا إلى المجلس في أولى جلساته، إلى جانب قانون النزاهة والشفافية ويتضمن قوانين هيئة مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية وغيرها من القوانين المتفرعة منه.

وما صدمنا جميعا هو انه عندما وصلت الأغلبية النيابية إلى مقاعد مجلس الأمة بشكل غير مسبوق بـ 35 نائبا، تستطيع من خلال هذا الرقم إقرار القوانين ورفضها ومنح الوزراء ورئيس الوزراء الثقة ونزعها منهم، وكان الأمر محسوما في كل القضايا، وكانت فرصة تاريخية لإقرار ما تعهد به النواب السابقون في ساحتي الإرادة والصفاة وببرامجهم الانتخابية، إلا أن تلك الأولويات مغيبة وكانت تسير ببطء شديد يثير الشبهة، ورأينا أن قوانين أخرى لم يكن أحد متفقا عليها تتصدر قائمة الأولويات، مثل تعديل المادة الثانية والمادة 79 من الدستور، وقانون صرف رواتب لربة المنزل وإعدام المسيء للذات الإلهية والمقام النبوي الشريف وأمهات المؤمنين.

● هل تقصد أن الأغلبية فشلت في تنفيذ وعودها الانتخابية؟

ـ إن الاغلبية النيابية لم تلتزم بما وعدت به في خطاباتها في ساحات الإرادة والتغيير والصفاة، فمثلا كيف تأخذ قضية إعدام المسيء للذات الإلهية والمقام النبوي الشريف وأمهات المؤمنين الأولوية على حساب القوانين الأخرى مثل الأحزاب السياسية والدائرة الواحدة؟

إن ما حدث أن هناك شابا تلفظ بألفاظ غير مقبولة وأخذ عقابة، فهل يحتاج الامر إلى تشريع؟ إن الحادثة تختص بحالات شاذة في مجتمع كويتي يتكون من مليون مواطن فهل يعقل أن يأخذ الأولوية على قوانين مثل استقلال القضاء الذي لم يناقش في مجلس 2012 المبطل، ولم يتقدم أحد من النواب بأي اقتراح بقانون بشأنه؟

كما أن الأغلبية فشلت في مناقشة وإقرار إشهار الأحزاب السياسية وتعديل النظام الانتخابي إلى دائرة واحدة، رغم كونهما من الأولويات، إن الأغلبية اجتهدت وبذلت جهدا تشكر عليه، ولكن لم يكن في مستوى الطموح.

● ما رأيك في أداء رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، وهل تعتقد أنه استطاع أن يبني نهج جديد ورؤية جديدة عما كان عليه في السابق؟

ـ من المبكر الحكم على أداء رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك وحكومته، رغم كونه النائب الأول في الحكومات المتعاقبة، ومن معرفتي الشخصية وعملي معه في البرلمان في مدة قاربت أربع سنوات استطيع أن أقول إنه رجل نظيف اليد، لا سيما أنه تسلم حقيبة وزارة الدفاع المعروفة بصفقاتها المليارية والعمولات التي نسمع عنها، وقضى سنوات عديدة في منصبة ولم يستطع أحد أن يثبت عليه أي تجاوزات تتعلق في ذمته المالية حتى من خصومه السياسيين في مجلس الأمة.

واستطيع القول إن المبارك نجح أن يأتي بنهج جديد عما كان عليه رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد، الذي كان وحكومته بنهج غير متعاون مع النواب ويتعامل بمكابرة وبتعجرف معنا، لأنه يمتلك عددا من النواب يرجحون كفته في معظم التصويتات.

وما حدث في عهد المبارك لا يعد تعاونا وإنما تهاونا، وهذا ليس المطلوب، وأضيف أنه عندما تأتي الحكومة لتوافق على كل ما تريده الأغلبية للمحافظة على رئيس الحكومة وكراسيها، فهذا يعتبر تهاونا، ولأول مرة أرى حكومة يصرح فيها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ويعلن الإفراج عن المتهمين في قضية اقتحام إحدى القنوات الفضائية وهم في عهدة النيابة العامة! وكأنه يقول إنه حتى إن أردتم التدخل في أعمال السلطة القضائية فنحن سنتدخل، ولكن أرجوكم ابتعدوا عن كرسي.

{إنقاذ وطن}

● أصدرت كتلة العمل الوطني بشكل مفاجئ وثيقة «إنقاذ وطن» فما الأسباب وراء إصدار هذه الوثيقة؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟

ـ قبل إعلان الوثيقة، أنا ملتزم بما جاء في البيان المشترك بين المنبر الديموقراطي والتحالف الوطني الديموقراطي، وأرى ان مطالب الإصلاح السياسي التشريعي الواردة في البيان تمثلني وتمثل جزءا كبيرا من تطلعاتي، وأيضا أدعم بما جاء في بياني الحركة الديموقراطية المدنية «حدم» ومجموعة مراقبون، أما عن وثيقة إنقاذ وطن فإنها تمثل مطالب ضرورية وملحة.

ويحتم علي القول ان هذه المطالبات من المهم أن يتم تنفيذها، ولكن هل لدي يقين عندما يتم إقرارها ستصلح أمور البلاد والعباد، وأن نهدأ ونعمل للإنجاز للدولة للمستقبل من دون أي تعديلات أو تشريعات مستقبلية، فهو بالتأكيد لا، ولكن علينا الموازنة في ما نطرحه وما يريده الشباب.

● هل يمكننا اعتبار وثيقة «إنقاذ وطن» ردة فعل على انفراد كتلة الأغلبية في الساحة أخيراً؟

ـ لا أبداً، ومخطئ من يعتقد أن وثيقتنا تأتي كردة فعل أو محاولة لاستباق بيان كتلة الأغلبية، لأن الأمر مرهون بمصلحة بلد، والمجال للتنافس في هذه المرحلة الحرجة أمر خطير إن لم يكن هناك تعاون لن نستطيع إنقاذ الوطن.

إن كتلة العمل الوطني مستعدة للتعاون مع الجميع بشرط أن يكونوا مخلصين للوطن وأن تكون النوايا صافية أيضا، وتندرج تلك المطالبات ضمن الأمور المستحقة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع، وكل الذي ورد بدءا من بيان التحالف الوطني والمبنر الديموقراطي والحركة المدنية الديموقراطية وبيان الأغلبية النيابية ووثيقة إنقاذ وطن، كل هذه المطالبات ليست جديدة، وذكرت في أكثر من ندوة.

وذكرت في أكثر من مناسبة انه يجب على التيار الوطني أن يضع برنامجه ويعلنه ليتمكن من قيادة الشارع من جديد، وهذا البرنامج الذي تحدثنا عنه، وهي قضايا في مجملها سبق لنا أن طرحناها في الشارع، وتلقينا إشادات من النائب عدنان عبدالصمد الذي قال ان هذه المطالب مستحقة، وكذلك تلقيت شخصيا اتصالات من نواب وأشخاص محسوبين على الأقلية يشيدون بالوثيقة.

الحكومة الشعبية

● ما موقفك من الحكومة الشعبية وتعيين رئيس مجلس الوزراء من الشعب؟

ــــ السؤال الذي ينبغي أن نوجهه لمن يطالب بهذا هو كيف سنأتي بالحكومة الشعبية ورئيس مجلس الوزراء من الشعب إن لم يكن هناك أحزاب؟ هل سيتم اختيار الأشخاص على انتماءاتهم القبلية والعائلية والطائفية، عندها «لا طبنا ولا غدى الشر».

إننا ننتقد رئيس مجلس الوزراء على طريقة اختياراته للوزراء ونذهب لانتخاب الحكومة الشعبية أو رئيس مجلس الوزراء الشعبي على الأسس نفسها؟ لن يكون هذا الخيار عملي دون إشهار الأحزاب السياسية وبرامجها.

ولابد من الإشارة الى ان المنبر الديموقراطي كان أول من طالب بتكليف رئيس مجلس الوزراء من الشعب، وهي مطالبة مشروعة لأن هناك كفاءات في الكويت إن لم تكن موجودة في الأسرة الحاكمة، أو إن وجدت في الاسرة فإن هناك كفاءات أفضل عند الشعب من أبناء الأسرة الحاكمة.

وهل يعقل أنه لا يوجد أحد من أبناء الشعب لا يؤتمن على سياسة الدولة الخارجية أو الأمن الداخلي أؤ يؤتمن على حدودنا وقواتنا العسكرية؟ وفق الدستور فإنه ليس هناك أي مسمى لوزارات للسيادة ولا وزير «سوبر» وآخر غير سوبر او مستواه عادي.

● هناك من يرى أن كتلة العمل الوطني لديها برنامج عمل ولكنها لا تسعى إلى تنفيذه بالحماسة التي هاجمت فيه أبناء الشهيد والقضايا المتعلقة في الرياضة لماذا؟

اليوم الرياضة لا أحد ينكر أنها جزء مهم من حياتنا، وأصبحت صناعة وقطاعا يضم أكبر شريحة في المجتمع وهم الشباب، ونجد اليوم قيادات وصلت إلى المجلس والمناصب الوزارية من خلال عملهم في هذا المجال، وأنا أحدهم.

نحن اليوم لسنا في خلاف مع أبناء الشهيد، ولم نذكرهم لمدة تزيد على السنة ونصف السنة، ولدينا قضيتان مهمتان ضدهم هي الاتحاد الكويتي لكرة القدم غير الشرعي الذي لا يزال قائما، وندعو إلى تشكيل الاتحاد وفق القانون بعضوية 14 ناديا، وإن رجع رئيس الاتحاد غير الشرعي إلى الرئاسة مجددا وفق القانون فإننا لا نمانع ولا نعترض عليه، ولكن يجب أن يتم وفق القانون.

أما الموضوع الثاني هو ما يتعلق بمجمع أولمبيا الذي استحوذ عليه نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون الإسكان وزير الدولة لشؤون التنمية أحمد الفهد، والذي استحوذ على أملاك الدولة بغير وجه حق، دون أن يبادر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية السابق مصطفى الشمالي باتخاذ الإجراءات القانونية ضده، وهو الذي اغتصب أملاك الدولة بصفته الشخصية كرئيس اللجنة الأولمبية الآسيوية، ونحن نطالب بسحب أرض أولمبيا واسترجاع أملاك الدولة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.