قالت المستشار القانوني في مجلس الامة أ.د.عزيزة الشريف ان المجلس النيابي يمارس اختصاصا اصيلا بالتشريع موزعا على ثلاث مهام رئيسة هي «المهام التشريعية – الاعمال الرقابية – الوظائف المالية».
واوضحت ان رئيس الدولة له دوران في العملية التشريعية فقد يأخذ صورة التعاون في اصدار القانون الذي يقره المجلس، مشيرة الى ان المعاونة هي الدور الاصلي لرئيس الدولة في العملية التشريعية، الا ان هذا الدور قد تعلو مرتبته ليصل الى حد تولي رئيس الدولة مؤقتا وعلى سبيل الاسثتناء الاختصاص التشريعي بدلا من المجلس النيابي فيجمع بين اختصاصي المجلس واختصاصه الاول في المعاونة في آن واحد.
وقالت الشريف في دراسة بحثية تناولت اطار الاختصاص بممارسة سلطة التشريع خلال فترة غياب المجلس النيابي وفقا لما قرره الدستور الكويتي سواء بين ادوار الانعقاد أو فترة الحل أو بين الفصلين التشريعين.
وقد ركزت الدراسة على مبحثين الاول يتعلق بتوقيتات عمل المجلس النيابي والثاني بممارسة رئيس الدولة في ممارسة الاختصاص التشريعي، وفيما يأتي أهم ما جاء في البحث:
المبحث الأول توقيتات عمل المجلس النيابي الفصل التشريعي:
يمارس المجلس النيابي عمله في مدد فصلية حددتها المادة 83 من الدستور وتقابلها المادة 3 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة، فكل مجلس جديد يمارس اختصاصاته مع بداية كل فصل تشريعي في اعقاب الانتخابات العامة ومدة الفصل التشريعي اربع سنوات تبدأ من تاريخ اول اجتماع له.
مادة 83 من الدستور: «مدة مجلس الامة اربع سنوات ميلادية من تاريخ اول اجتماع له، ويجري التجديد خلال الستين يوما السابقة على نهاية تلك المدة مع مراعاة حكم المادة 107 والاعضاء الذين تنتهي مدة عضويتهم تجوز اعادة انتخابهم. ولا يجوز مد الفصل التشريعي الا للضرورة في حالة الحرب ويكون هذا المد بقانون».
ويقسم الفصل التشريعي الى ادوار انعقاد متساوية اي اربعة ادوار انعقاد يسمى كل دور منها بدور انعقاد عادي سنوي مدته لا تقل عن ثمانية اشهر (المادة 85 من الدستور وتقابلها المادة 61 من اللائحة). ويتخلل ادوار الانعقاد عطلة برلمانية سنوية.
واذا وجد اثناء العطلة البرلمانية ما يستدعي وجود المجلس يمكن لرئيس الدولة دعوته الى اجتماع طارئ، ويطلق على الفترة التي يجتمع فيها المجلس في اوقات العطلة دور الانعقاد غير العادي وقد نصت عليها المادة 88 من الدستور وتقابلها المادة 64 من اللائحة.
من ناحية اخرى قد يقع اثناء دور الانعقاد العادي ما يقتضي وقف المجلس وهو ما نصت عليه المادة 106 من الدستور وتقابلها المادة 67 من اللائحة.
والقاعدة الاساسية ان الدعوة الى اجتماع المجلس لدور انعقاد عادي وغير عادي وكذلك تأجيل الجلسات يتم بمرسوم. وهذا الوضع يعد من ملامح النظام البرلماني كتعبير عن التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ممارسة الحكم وهو ما اوضحته كأحد مبادئ نظام الحكم المادة 50 من الدستور حين قررت ما يلي:
(يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور، ولا يجوز لاي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور.
اجتماع المجلس بقوة الدستور دون دعوة:
-1 على سبيل الاستثناء مما سبق ينص الدستور على اجتماع المجلس تلقائيا اذا لم يدعه الأمير للانعقاد للدور السنوي العادي. وهو ما نصت عليه المادة 86 وتقابلها المادة 62 من اللائحة.
مادة 86 (… واذا لم يصدر مرسوم الدعوة قبل اول الشهر المذكور اعتبر موعد الانعقاد الساعة التاسعة من صباح يوم السبت الثالث من ذلك الشهر. فان صادف عطلة رسمية اجتمع المجلس في صباح اول يوم يلي تلك العطلة).
-2 وايضا في حالة الاجتماع لاول مرة بعد الانتخابات العامة في بداية الفصل التشريعي وهو ما نصت عليه المادة 87 من الدستور وتقابلها المادة 63 من اللائحة.
-3 وايضا ما نصت عليه المادة 107 في اعقاب ممارسة الامير لسلطة الحل.
فض دور الانعقاد:
وكما ان دعوة المجلس للانعقاد تكون بمرسوم فإن فض دور الانعقاد العادي وغير العادي يكون بمرسوم وهو ما نصت عليه المادة 89 من الدستور وتقابلها المادة 65 من اللائحة.
مادة 89 (يعلن الامير فض ادوار الاجتماع العادية وغير العادية).
ويلاحظ ان الدستور هنا لم يحدد الاداة ولكن قاعدة توازي الاشكال والاجراءات القانونية تقتضي ان يكون فض ادوار الانعقاد بمرسوم كما بدأت بمرسوم.
دور الانعقاد العادي (السنوي):
مدة دور الانعقاد العادي ثمانية اشهر كما نصت على ذلك المادة 85 من الدستور وتقابلها المادة 61 من اللائحة. (لمجلس الامة دور الانعقاد سنوي لا يقل عن ثمانية اشهر ولا يجوز فض هذا الدور قبل اعتماد الميزانية) أي ان الثمانية اشهر حد ادنى يجوز مده الى حين الانتهاء من اقرار الميزانية.
ويبدأ دور الانعقاد العادي في مواعيد نصت عليها المادتان 86 و87 من الدستور.
وإذا كان تاريخ انعقاد المجلس في هذا الدور متأخرا عن الميعاد السنوي المنصوص عليه في المادة 86 من الدستور خفضت مدة الانعقاد المنصوص عليها في المادة 85 بمقدار الفارق بين الميعادين المذكورين.
واثناء دور الانعقاد العادي يباشر المجلس النيابي دوره التشريعي باعتباره صاحب الاختصاص الامين للتشريع، كما يراقب عمل السلطة التنفيذية صاحبة الاختصاص الاصيل بإدارة شؤون البلاد وتنفيذ القانون.
ولا تستمر اجتماعات المجلس طوال دور الانعقاد السنوي لمدة سنة كاملة، فالقاعدة في النظم النيابية حصول النواب على عطلة كل دور انعقاد للراحة من النشاطات البرلمانية وللاتصال بالقواعد الانتخابية ولهذا حرص الدستور على ان يحدد في المادة 85 منه دور الانعقاد العادي بثمانية اشهر على الاقل لتكون عطلة المجلس بما يراوح اربعة اشهر سنويا على الاكثر.
دور الانعقاد غير العادي
اذا استجد اثناء عطل المجلس ما يدعو الى اجتماعه يدعى الى دور انعقاد غير عادي والدعوة – كما في ادوار الانعقاد العادية تتم بمرسوم – كما ان فضه يتم بمرسوم، والمنطق يفرض عدم فض دور الانعقاد غير العادي قبل الفراغ من الموضوع الذي دعي المجلس من اجله وقد نصت على هذه السلطة للامير المادة (88) من الدستور وتقابلها المادة (64) من اللائحة.
(يدعى مجلس الامة بمرسوم لاجتماع غير عادي اذا رأى الامير ضرورة لذلك، أو بناء على طلب اغلبية اعضاء المجلس، ولا يجوز في دور الانعقاد غير العادي ان ينظر المجلس في غير الامور التي دعي من اجلها الا بموافقة الوزارة).
وكما هو واضح من النص يصدر الامير قرار الدعوة في فرضين:
-1 اذا قدر وجود ضرورة تدعو لقطع الاجازة البرلمانية وعودة جلسات المجلس للانعقاد، وتقدير الضرورة متروك للامير عدا الحالات التي يفرض فيها الدستور دعوة البرلمان لدور انعقاد غير عادي، وابرز مثال على الاجتماعات غير العادية المفروضة دستوريا ما تنص عليه المادة (71) من الدستور الخاصة بمراسيم الضرورة فالنص يلزم عرض تلك المراسيم على المجلس خلال 15 يوما من اصدارها، وهو يعني اجتماع المجلس في دور غير عادي لبيان موقفه من المراسيم الصادرة في غيبته اذا كان ما تبقى من العطلة يزيد على خمسة عشر يوما.
-2 اذا طلبت اغلبية اعضاء المجلس الدعوة لاجتماع غير عادي وفقا للمادة (88)، في هذا الفرض تختفي السلطة التقديرية للامير، فليس امامه الا الاستجابة للطلب بمجرد استجماعه لشرط النصاب، ويلاحظ ان النص لم يقيد طلب الاعضاء بشرط الضرورة ولعله قدر ان تقديم الطلب من هذا الجمع من اعضاء المجلس ينبئ عن وجود ضرورة لعودة اجتماعات المجلس النيابي من جديد.
تأجيل الجلسات
أجاز الدستور للامير ان يأمر بتأجيل جلسات المجلس وذلك في المادة (106) منه وتقابلها المادة (67) من اللائحة الداخلية للمجلس، حيث نصت على ان (للأمير ان يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الامة لمدة لا تجاوز شهرا، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد الا بموافقة المجلس ولمدة واحدة وتحسب مدة التأجيل ضمن فترات الانعقاد).
– يلاحظ ان مبررات التأجيل التي يقدرها الامير تتغيا تفادي حل المجلس في فترات الازمات في العلاقة بين المجلس والحكومة لإتاحة الفرص لكل منهما مراجعة اوجه خلافاتهما على امل التوصل لحل هذه الخلافات ويدل على ذلك انها جاءت سابقة للمادة (107) التي تسمح للأمير وتعطيه حق حل المجلس قبل انتهاء الفصل التشريعي.
– وينفرد الدستور الكويتي بالوقف الواقعي للجلسات استنادا الى ما جاء في المادة (116) من الدستور التي اشترطت ان تمثل الحكومة في جلسات المجلس (… يجب ان تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها او ببعض اعضائها)، ومن ثم فإن اعلان الحكومة عدم حضورها للجلسة هو بمثابة وقف للجلسة.
وقد جرى العمل على ان المجلس يؤجل اجتماعاته اذا لم تحضر الحكومة الجلسات ولم يخرج عن هذا السلوك ولاشك ان هذا النص الفريد الذي لم يوجد له اصل في المحاضر الاساسية لإعداد الدستور يخلق موقفا يتنافى مع كون السلطة الاصلية لوقف جلسات المجلس هو المرسوم الاميري وليس موقف الوزارة، ولهذا فإن هذا السلوك حال التعسف في استعماله يمكن ان يثير المساءلة السياسية للحكومة من جانب المجلس اذا تسبب في اعاقة نشاطه وتنفيذه لجدول اعماله.
المبحث الثاني: مساهمة رئيس الدولة في الاختصاص التشريعي
يمارس المجلس النيابي اختصاصاً اصيلا بالتشريع ويتوزع هذا الاختصاص على ثلاث مهام رئيسية:
-1 المهام التشريعية.
-2 الأعمال الرقابية.
-3 الوظائف المالية.
وتغليب للاختصاص التشريعي الاساسي اطلق عليه السلطة التشريعية ولكن المجلس لا ينفرد وحده بالسلطة وانما يشاطره رئيس الدولة ودور هذا الاخير هو مركز بحثنا.
ولرئيس الدولة دوران في العملية التشريعية فهو قد يأخذ صورة التعاون في اصدار القانون الذي يقره المجلس، والمعاونة هي الدور الاصلي لرئيس الدولة في العملية التشريعية الا ان هذا الدور قد تعلو مرتبته ليصل الى حد تولي رئيس الدولة مؤقتا وعلى سبيل الاستثناء الاختصاص التشريعي بدلا من المجلس النيابي فيجمع بين اختصاص المجلس واختصاصه الاول في المعاونة في آن واحد.
الدور الأول: تعاون رئيس الدولة في الاختصاص التشريعي
لتعاون رئيس الدولة في الاختصاص التشريعي اربعة مظاهر (الاقتراح – الاعتراض – التصديق – الاصدار).
ولن نركز على هذا الدور الذي يمثل مشاركة عند حدود التعاون دون التشريع، حتى في حالة الاعتراض فهو يمثل اعتراضا توقيفيا فقط ولكن القرار النهائي للمجلس، وهو ما نصت عليه المادة (55) من الدستور ولا مقابل لها في اللائحة، وجاء نصها كالآتي: (يكون طلب اعادة النظر في مشروع القانون بمرسوم مسبب، فإذا اقره مجلس الامة ثانية بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الامير واصدره خلال ثلاثين يوما من ابلاغه اليه، فان لم تتحقق هذه الاغلبية امتنع النظر فيه في دور الانعقاد نفسه، فإذا عاد مجلس الامة في دور انعقاد آخرلاى اقرار ذلك المشروع بأغلبية الاعضاء الذي يتألف منهم المجلس صدق عليه الامير واصدره خلال ثلاثين يوما من ابلاغه اليه).
اما مهام الاقتراح والتصديق والاصدار فنصت عليهم المادتان (65 و79) من الدستور ولا مقابل لهما في اللائحة.
ويمثل الاقتراح بمشاركة ايجابية في صنع التشريع وترجمة حقيقية لدور السلطة التنفيذية في وضع سياسة الدولة وتنفيذها.
اما التصديق والاصدار فهما اجراءان قانونيان من اجراءات التشريع ضروريان لإعلانه ونفاذه.
ويعتبر القانون مصدقا عليه ويصدر اذا مضت المدة المقررة للإصدار دون ان يطلب رئيس الدولة اعادة نظره.
اما المادة (79) فجاءت كمايلي: (لا يصدر قانون الا اذا اقره مجلس الامة وصدق عليه الامير).
الدور الثاني تولي رئيس الدولة الاختصاص التشريعي بصفة استثنائية
يتولى رئيس الدولة احيانا الاختصاص التشريعي بصفة اولية وذلك من خلال اصدار مراسيم لها قوة القانون وقد يحدث هذا استنادا الى اذن او تفويض من المجلس النيابي وفي حضوره اي حال عدم غيبته وهي ما يطلق عليها المراسيم التفويضية، وللمجلس دور رقابي مباشر عليها، واما ان يتصدى رئيس الدولة لمهمة التشريع وبدون اذن من المجلس في حالة غيابه وهي ما يطلق عليها مراسيم الضرورة ونظمت هذا الاختصاص المادة (71) من الدستور.
لن نتحدث عن المراسيم التفويضية لانها تتم في حضور المجلس وسندها في الكويت المذكرة الايضاحية للمادة (50) من الدستور، وسيقتصر حديثنا على سلطة التشريع في حالة غياب المجلس سواء بالحل او فيما بين ادوار الانعقاد والتي عنيت بتنظيمها المادة (71) من الدستور.
مراسيم الضرورة وفقا للمادة (71) من الدستور
المادة (71) «اذا حدث فيما بين ادوار انعقاد مجلس الامة او في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للامير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ان لا تكون مخالفة للدستور او للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الامة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، اذا كان المجلس قائما وفي اول اجتماع له في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي، فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك. اما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، الا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة او تسوية ما ترتب من اثارها بوجه آخر».
أولاً: غياب مجلس الأمة
مراسيم الضرورة وفقا للمادة (71) تصدر دون اذن سابق من المجلس النيابي وخاصيتها ان لا يكون المجلس منعقدا، فلا مبرر لان تنفرد السلطة التنفيذية بالتشريع والمجلس قائم، وهي سلطة مارس في توقيتين زمنيين كما يلي:
-1 بين ادوار الانعقاد ويشمل الادوار العادية وغير العادية في الفصل التشريعي الواحد.
في الفترة بين فصلين تشريعيين وايضا في فترات حل المجلس والى ان يجتمع المجلس الجديد.
-2 في الفترة بين فصلين تشريعيين وايضا في فترات حل المجلس والى ان يجتمع المجلس الجديد.
ويثور تساؤل: هل يجوز اصدار مراسيم الضرورة في فترة تأجيل المجلس وفقا للمادة (106) من الدستور؟ الاجابة قاطعة بالنفي لان صريح عبارة المادة 71 (بين ادوار الانعقاد) او (في فترة الحل)، وحيث ان هذه السلطة استثنائية فلا يجوز التوسع في تفسيرها وينبغي الاخذ بها في اضيق الحدود.
ثانياً: وجود حالة الضرورة
عبرت المادة (71) عن حالة الضرورة بعبارة (اذا حدث ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير) وهي تفيد وجود ظروف عاجلة تفرض سرعة التدخل لعلاج الامر الذي لا يحتمل انتظار عودة المجلس النيابي وتصديه واصداره التشريعات الكفيلة بمواجهة الموقف.
اذا جوهر الضرورة وجود خطر حال لا يمكن مواجهته بالنصوص القائمة فعلا.
قم بكتابة اول تعليق