عادت ظاهرة التدخين بين طلبة التعليم العام تتزايد بشكل كبير، ولم تعد تقتصر على المرحلة الثانوية، بل ارتفعت بين طلبة المرحلة المتوسطة، وبدأت في الانتشار بين تلامذة الابتدائي، حيث كشفت مصادر تربوية مطّلعة لـــ القبس عن ضبط 1384 حالة تدخين داخل أسوار المدارس، بينهم فتيات في المتوسط والثانوي.
وبيّنت المصادر أن التدخين ينتشر في المرتبة الأولى بين طلبة المرحلة الثانوية، حيث ضبط المعلمون والمعلمات 874 حالة تدخين جميع المدارس خلال العام الماضي، أي بنسبة %63 من إجمالي الحالات، بينهم 3 فتيات، بينما تعاملت الإدارات المدرسية مع 413 حالة في المرحلة المتوسطة، بنسبة %30 من الحالات، وبينهم 13 طالبة، في حين بلغ عدد الحالات في المرحلة الابتدائية 97 حالة، جميعهم من التلاميذ الذكور.
انتشار الظاهرة
وأشارت الى أن دورات المياه في المدارس هي الملجأ الأول للطلبة الراغبين في التدخين داخل أسوار المدرسة، وقد يكون لبعضهم حظ في إيجاد مكان مهجور بالمدرسة بعيدا عن أي إشراف، لافتة الى أن بعض الطلبة يعتبرون التدخين أمرا عاديا أمام باب المدرسة، ويرفعون شعار «إحنا مو بالمدرسة وما كو سلطة علينا»!
وذكرت أن المدرسة تمثّل محوراً مهمّاً ومفصلياً في زيادة عدد المدخنين ومكاناً خصباً لانتشار هذه الظاهرة بينهم، بسبب حب التقليد بين الطلبة وحب الظهور ومخالفة المجتمع، أو تقمّص شخصية الكبار، مما يستدعي تحركاً جادّاً وحلولاً ملموسة غير تقليدية لمواجهة الظاهرة.
وأكدت المصادر أن المدارس لا تمكنها مواجهة الظاهرة بمفردها، ولا بد من تضافر جميع الجهود، من أجل إيجاد حلولٍ حقيقة، موضحة أن المدرسة لا تملك سلطة قانونية كافية، وعدم وجود قوانين صارمة تجاه ظاهرة التدخين.. واستمرار تدفق تجارة الدخان بشكل فائق جدّاً ربما يفوق حالياً ما هو في الدول المصنعة للدخان، واختراق بعض المعلمين أو المعلمات لقواعد منع التدخين، وكثير من أرباب إدارة المدارس من الفئات المدخنة، مما قد يتعسّر معه انتهاج أساليب فاعلة لمقاومة الظاهرة، كما ان الجهود المبذولة حالياً رغم أهميتها فإنها ليست كافية.
دور المدارس
من جهته، أكد مدير مدرسة صباح الأحمد الثانوية يوسف بوسكندر ان المدرسة كمؤسسة تربوية تتصدى لكل ما يفرزه المجتمع، وهذا من صميم ادوارها الى جانب المؤسسات الأخرى، وأهمها الأسرة والإعلام، موضحاً أنه خلال سجلات الباحث الاجتماعي في المدرسة يتم التعرف على حجم الظاهرة، من خلال المتابعة والتسجيل المستمر، وعلى هذا الأساس يتم وضع البرامج العلاجية والوقائية بالتنسيق مع اركان العملية التربوية في المدرسة والأسرة، علماً بأن المدرسة لا تستطيع وحدها مجابهة هذه الظواهر، لأنها ليست الوحيدة التي تتعامل مع هذه الشريحة من المجتمع.
وأضاف: ما يقال إن دور المدرسة سلبي لا أساس له من الصحة! فالمدرسة تقوم بواجبها وفق إمكاناتها المتاحة، وهناك نتائج مشجعة لهذه الجهود، يتمثل بعضها في إقلاع كثير من الطلبة عن التدخين وتغيير نظرة البعض عن هذه العادة السيئة.
التوعية والوقاية
وأشار إلى ان الأدوار التي تقوم بها المدارس تجاه ظاهرة التدخين تتمثل في التوعية المستمرة عبر الأحاديث التوجيهية واللقاءات المفتوحة والأنشطة الطلابية والنوادي المدرسية واللافتات الإعلامية المكتوبة والمسموعة والالكترونية، ونشر المقالات العلمية حول التدخين، إضافة الى توزيع الكتيبات والنشرات الإرشادية، وعرض الأفلام التوعوية، مشدداً على ضرورة مشاركة أولياء الأمور في أساليب الوقاية والعلاج.
واستعرض يوسف بوسكندر دور المدارس عند اكتشاف حالة تدخين من طالب، وثبوتها، ومنها: إعلام الطالب باستياء المدرسة من سلوك التدخين، وتوجيهه نحو مساوئ التدخين، وإرشاده بقيمة مكان التعلم وضرورة احترامه، وأخذ تعهّد على الطالب بعدم تكرار ممارسة التدخين داخل الحرم المدرسي، وابلاغ الأهل عند الضرورة للمساعدة في الوقاية والعلاج، وقد تتم أحياناً تهيئة جلسة إرشادية أو أكثر لتدارس مشكلة التدخين مع الباحثين الاجتماعيين والنفسيين.
السيجارة الإلكترونية
أشارت المصادر الى وجود مدخنين من الطلبة الذين يستخدمون السيجارة الإلكترونية، وهؤلاء من الصعب ضبطهم أو حصرهم، لا سيما لما تتسم به هذه السيجارة من عدم وجود رائحة، إضافة الى سهولة الحصول عليها، كما ان تكلفة شرائها ليست كبيرة!
واجبات محدودة
شدّد تربويون على ان المدارس تقوم بواجباتها ضمن الحدود المرسومة لها، ولا شك في ان ضمان الالتزام بعدم التدخين داخل الحرم المدرسي هو أهم واجباتها، ولا تلام على ذلك، وإذا نجحت في رسائلها التربوية الأكثر إلحاحاً فستتمكن من النجاح في معالجة مشكلات التدخين.
قم بكتابة اول تعليق