نكتة «دونالد ترامب».. أصبحت واقعاً يا عرب!

الملياردير الأمريكي دونالد ترامب الذي عرفناه «مجنوناً» في برنامجه الشهير «The Apprentice» يصبح رئيسا للولايات المتحدة؟ هذا الخبر وصف قبل شهور بـ«النكتة»، فيما لم ير المراقبون في ترشح ترامب إلا استعراضا إعلاميا من رجل أعمال اعتاد استقطاب عدسات الكاميرات تجاهه.. فبدا «ترامب» مهرِّجا يضفي على أجواء السياسة الأمريكية مسحة من المزاح، إلى الحد الذي دفع الأمريكيين إلى السخرية منه ووصفه بأنه آخر رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأمر لدى «ترامب»، على ما يبدو، لم يكن مزحة.
‏‎بطل أمريكا
‏‎«لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».. هكذا قدم «ترامب» نفسه إلى الأمريكيين والعالم؛ يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد عظيمة وتنتظر «ترامب» ليعيد لها، مرة أخرى، ألقَها وبريقها.. لقد أراد ترامب أن يقنع الأمريكيين والعالم بأنه البطل القومي الجديد لهم، ومن ثم بدأ في رشق الجميع عبر خطاب ينضح كراهية؛ فمن العرب إلى المكسيكيين مرورا بالإسلام والمسلمين، لم يقف خطاب «ترامب» عند حدٍّ.
‏‎الإسلام في ثلاث كلمات
‏‎«الإسلام يكره أمريكا».. بثلاث كلمات فقط اختزل ترامب الإسلام وتعاليمه وثقافة ألف وأربعمائة عام، ولم تقتصر كراهية «ترامب» على الخطاب، بل راح يطلق الدعوات إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
‏‎ربما يبدو ذلك الطرح متوقَّعا من «ترامب»، بيد أن غير المتوقع هو ردة فعل المجتمع الأمريكي تجاه هذه التصريحات والتلميحات المتطرفة في بلد يدعي نبذ التطرف! إذ راح «ترامب» يحصد الولاية تلو الأخرى، محققا نجاحا مفاجئًا مدويا للجميع، وربما لـ«ترامب» نفسه، في تأكيد على قبول شريحة ليست بالقليلة من المجتمع الأمريكي لذلك الخطاب المتطرف.
‏‎الرئيس القادم
‏‎دفع هذا التقدم «ترامب» إلى أن يتعامل مع نفسه بوصفه الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية، وكأنما فرض نفسه واقعًا على الجميع.. فأسهب ترامب في طرح سياساته الخارجية، التي لم يكن الخليج وقضاياه بمنأى عنها، بل ربما يكون الأكثر تأثرًا بها، فمنذ بدء حملته الانتخابية كان الخليج ودوله حاضرينِ بقوة.
‏‎الخليج و«ترامب»
‏‎«سنجعل دول الخليج تفتح كيسها».. قالها «ترامب» في معرض حديثه عن توفير منطقة آمنة لحماية المدنيين السوريين، ليتكشف للكافة أن «ترامب» يرى دول الخليج خزانة للمال وحسب، بل راح إلى حد أبعد من ذلك وخصَّ المملكة العربية السعودية بنصيب وافر من من حديثه عن الخليج: «لا أحب تلك البلاد.. الولايات المتحدة دفعت الكثير من أجل دعمها..المملكة العربية السعودية ستكون في ورطة كبيرة في وقت قريب، سوف تحتاج إلى المساعدة، ونحن ليس لدينا ما نقدمه لها؛ فهي دولة تجني مليار دولار يوميا.. السبب الرئيسي في تحالفنا مع المملكة العربية السعودية هو أننا بحاجة إلى النفط والآن نحن لسنا بحاجة إلى الكثير من النفط».
‏‎الأيام الخوالي
‏‎وصلت الرسالة إذاً.. «الأيام الخوالي بين السعودية وأمريكا انتهت»، هكذا عبر الأمير تركي الفيصل عن توقعاته ونظرته إلى مستقبل العلاقة بين بلاده وأمريكا في خضم هذه الأحداث المتلاطمة، «الأيام الخوالي بين المملكة والولايات المتحدة انتهت إلى غير رجعة يجب أن يعاد تقييم العلاقة بين البلدين»، ليؤكد مجددا أن العلاقة بين المملكة وأمريكا لن تعود كما كانت أيّا ما كان الرئيس القادم.
‏‎بيد أن محاولات السعودية في استقبال تلك المتغيرات، بدأت في وقت سابق لظهور خطاب ترامب، بقراءة سريعة لموقف وتوجهات المجتمع الأمريكي إزاء العرب، عبر تطوير جذري تجلى بوضوح فيما طرح في رؤية المملكة 2030، ومحاولة الاعتماد على السوق المحلي فيما يخص التسليح، وتغيير النمط الاقتصادي للمملكة بالتخلي عن النفط كمصدر رئيسي للمملكة.
‏‎وعلى المنوال ذاته، ربما يمكن قراءة تشكيل التحالف الإسلامي ومناورات «رعد الشمال»، في محاولة للاعتماد على الذات، والتخلي عن الحماية الأمريكية التي تعد ورقة الضغط الأبرز على دول الخليج.
‏‎«ترامب» لا يصلح.. لكنها الديمقراطية
‏‎ورغم آراء البيت الأبيض التي أعلنها صريحة في السابق، أن ترامب لا يصلح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن رياح ترامب الخريفية، أزاحت المرشحين الجمهوريين، ليختتم السقوط بانسحاب تيد كروز مفسحا المجال لـ«ترامب» وملياراته وكراهيته وجنونه، فيما قد يستمر نجمه في الصعود ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.
‏‎أما ما لا مفر من التذكير به الآن، والعالم في انتظار اعتماد دونالد ترامب مرشحا عن الحزب الجمهوري، هو ردُّ الأمير الوليد بن طلال على تصريحات «ترامب»: «أنت عار على أمريكا كلها وليس الحزب الجمهوري وحده.. انسحب من سباق الرئاسة لن تفوز أبدا».
‏‎اليوم، وبعد إعلان منافس ترامب المباشر «تيد كروز»، أصبحت نكتة «ترامب» واقعاً أيها العرب!

القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.