سلوى الجسار: الجهاز الحكومي إلى أين

لقد تعقد عمل الجهاز الحكومي بجميع مؤسساته وانعكس على مستوى أدائه وضعف انجازه وأصبح غير قادر على التعامل مع الملفات الضخمة المعقدة ولم يحقق مستوى الطموح المتوقع وخاصة نحن في القرن الحادي والعشرين عهد التكنولوجيا والتنمية المهنية للموظفين والدورات التدريبية لتطوير الأداء بغرض الارتقاء بمستوى الانجاز.نعيش عهد التحدي والتنافس والانتاج في أنحاء العالم الأجنبي والعربي وحتى على مستوى بعض دول الخليج العربية.أين مؤسساتنا الحكومية من الانجاز؟ وما هو واقعنا؟ يعاني جهازنا الحكومي من أمراض مزمنة ومتعددة.حقيقة واقعنا يعاني من ترهل الجهاز الحكومي بضخامته وعدم كفاءته وزخم البطالة المقنعة بسبب محدودية فرص العمل وتعقيد الهياكل الحكومية ومرض البيروقراطية المتفشية في الجهاز حتى أصبح من الصعب تفكيكها بسبب صعوبة تعقيدها، اضافة الى فقدان التوصيف الوظيفي للموظفين المقرونة بساعات العمل ومستوى الانجاز، ناهيك الى شحاحة تدريب الموظفين للارتقاء بمستوى الأداء مقارنة بالقطاع الخاص.واذا حُدد برنامج تدريبي للموظفين نراه مقصوراً على عدد محدد ومعين منهم، والعجيب انه عند مراجعتي لميزانيات وزارات الدولة وهيئاتها أرى رصد مبالغ بسيطة لقطاع التدريب مقارنة بالميزانية الاجمالية مما ينعكس ذلك على محدودية الكفاءات المتخصصة في المجالات المختلفة.كما ويفتقر الجهاز الى استراتيجيات واضحة المعالم قصيرة وطويلة المدى وفق خطة زمنية مدروسة بأسلوب علمي اجرائي التنفيذ، بالاضافة الى فقدان الجهاز الرؤية الواضحة حيث ان الأهداف غير مصاغة بأسلوب اجرائي التنفيذ وفق برمجة زمنية محددة، ناهيك عن السياسات المتبعة في اتخاذ القرارات والأساليب المتبعة عند دراستها.ان عدم وضوح الرؤية في الخطة وأسلوب العمل والمتابعة والرقابة والمحاسبة يجعل مؤسسات الدولة مرتعاً خصباً لانتشار الفوضى وضعف الانجاز والتخبط في المحاسبة والمكافأة مما ينعكس سلباً على آداء الموظفين المخلصين، حيث يكافئ الموظف المتقاعس ويحاسب المخلص، بل الأدهى والأمّر عند ترقية المتقاعس وترؤسه الموظفين ذوى الكفاءة والخبرة عند أداء أعمالهم وواجباتهم.قيس على ذلك عدم الاستقرار السياسي لوزارات الدولة حيث شهدنا تغيير ثلاثة وزراء لنفس الوزارة خلال سنة واحدة مما أثر ذلك سلباً على استقرار العمل بالوزارة والانتاج بالنسبة للموظفين مع تغيير وتبديل القيادات في الوزارة تبعا لتغيير الوزير أو بسبب الضغوط السياسية عليه. وما زاد الطين بله هو اختلاف الكوادر المالية غير المدروسة بأسلوب علمي ومالي تبعاً لنوع الوظيفة ومستواها في وزارت الدولة مما انعكس أثره سلبياً على الموظفين.فعلى سبيل المثال هل يعقل أن مهندساً في وزارة ما يأخذ راتبا وقدره، ومهندساً آخر بنفس الشهادة والتخصص يأخذ راتبا يكاد يكون مضاعفا للمهندس السابق.ان اتباع هذا الأسلوب سوف يؤدي الى عزوف الموظفين عن العمل في الوزارة ذات الراتب المحدود والضغط على ايجاد فرص العمل في الوزارات المبحبحة مما ينتج عنه عدم الاستقرار الوظيفي، حيث يبحث كل موظف عن الأفضل واستخدام كل أنواع الواسطات والضغوط السياسية للانتقال أو التعيين، وسوف يخلق ذلك عدم توازن بين حاجة الوزارة الفعلية من الموظفين وعدد الموظفين المعينين.من خلال معرفة أعداد المتقدمين للبحث عن فرص العمل، نجد ان المتقدم للعمل من خلال ديوان الخدمة المدنية يُفَرز حسب طلبات الدرجات الشاغرة للتوظيف في كل وزارة، الا ان المفاجئ رفض بعض المتقدمين للعمل في الوزارة التي أُفرِز بها والسبب قد يراجع لاختلاف المحفزات المالية من وزارة الى أخرى.كما ويَنقص وزارات الدولة وهيئاتها وجود قطاع الجودة لتقويم أداء جودة العمل في مختلف القطاعات ومستوى أداء وانجاز الموظفين، واذا وجد قطاع الجودة في بعض أجهزة الحكومة لم يُفعَّل بالشكل المطلوب لعدة أسباب منها عدم كفاءة بعض العاملين بقطاع الجودة، أو بسبب صعوبة تطبيق النظام على جميع قطاعات الوزارة، أو بسبب عدم قدرة صاحب القرار على محاسبة المقصرين.مما سبق يتضح صعوبة تطوير الجهاز الحكومي لوجود العديد من الأسباب المختلفة اما بشكل مباشر أو غير مباشر حيث يحتاج تطوير الجهاز الى تكاتف وتكاثف جهود القياديين والمسؤولين والموظفين لتقييم الواقع بأسلوب علمي شفاف واقعي دون محاباة لأجل الاصلاح، ابتداء من الهيكل التنظيمي وحاجة العمل.وان يكون التقييم بواسطة جهة محايدة لدراسة الواقع بصورة موضوعية بالتركيز على خطط الوزارة وتنظيمها وأسلوب التوظيف وتوجيه آلية العمل والرقابة على الأداء.كما ويجب ان تُخلق فرص وظيفية كثيرة حسب احتياجات سوق العمل لاستثمار الطاقات الشبابية كل حسب اختصاصه والاستغناء عن العمالة الأجنبية بالتدريج حتى نرى الكويت تقف بالقوى العاملة من أبنائها في مختلف قطاعات الدولة أسوة بالدول المتقدمة.

د.سلوى عبدالله الجسار
@DrSalwaAlJassar
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.