“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (الروم 41).
الفسادُ: “نقيض الصلاح, فَسَدَ يَفْسُدُ ويَفْسِدُ وفَسُدَ فساداً وفُسُوداً, فهو فاسدٌ” (لسان العرب).
أعتقد أن هوس تكرار كلمة “الفساد” ومشتقاتها (الفاسدون-المفسدون-مكامن الفساد… وغيرها) في بيئتنا المحلية الكويتية ربما يشوه الوقائع الاجتماعية ويلبس الحقائق ويضغن قلوب الناس ضد بعضها بعضا. بل أعتقد أن إطلاق تهم الفساد المعلبة هنا وهناك من دون دلائل بينة, ومن دون اتباع تلك الاتهامات بتقديم بلاغات رسمية بشأنها يشير إما إلى زيفها أو محاولة من يستخدم هذا النوع من الاتهامات المعلبة رهن قلوب الناس والسيطرة على عقولهم. فالفساد المعلب جاهز للإطلاق في أي اتجاه يختاره الخراصُون الفوضويون. فمن لا يعجبهم أو من لا يتفق مع توجهاتهم لا بد له أن يكون فاسدا أو قبيضا أو مرتزقا, أو هكذا تتقيح أفواه اولئك الذين يستمرون 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الاسبوع يتهمون الناس الآخرين بالباطل, فقط بغية الإثارة والانغماس في مزيد من الطيش والاستهتار الديماغوجي.
ومن وجهة نظري الشخصية, أعتقد أن الفاسد فعلاً وقولاً وسلوكاً وتصرفاً هو من يسعى إلى إفساد قلوب الناس عن طريق بث الاشاعات المغرضة والتشكيك والتحريض على مواطنيه الآخرين. فهذا النوع من البشر هم المفسدون فعلاً وقولاً لأنهم يتقولون على الناس الآخرين . ويملأون بيئتهم المحلية بالكراهية والحقد المتبادل والضغائن والنقمة, وهي تصرفات تدل على نواياهم الخفية في إفساد أذهان وقلوب الناس الآخرين. فمن يعمل على حقن الشك والريبة في قلوب أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم, يفرق كلمتهم ويشتت آراءهم ويُذهِبَ ريحهم.
فالفاسدون والمفسدون الحقيقيون هم اولئك النفر الذين لا يستيقنون مما تقذفه أفواههم من إتهامات معلبة. فأغلب ما يذكرونه عن الفساد ظني وبني أساساً على حدس ديماغوجي يرتكز أصلاً على الاثارة ومحاولة البقاء تحت دائرة الضوء لاكبر وقت ممكن. فتهم الفساد, وبخاصة المفبركة والمصطنعة منها, ليست سوى فرقعات دعائية يستخدمها المفسدون الحقيقيون لتشتيت إنتباه اولي الألباب وإشغالهم عن فضح زيفهم وكذبهم. والله المستعان.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق