الحكومة تحذر من خفض تصنيف الكويت الائتماني

حذرت الحكومة في تقرير هذا الاسبوع من خفض تصنيف الكويت إذا ألغيت زيادات أسعار البنزين والكهرباء والماء. والتقرير الموجه إلى مجلس الأمة وتنشره القبس فيه «أن أغلب تقارير التصنيف الائتماني الخاص بدولة الكويت، وتلك الصادرة من صندوق النقد الدولي بشأن الوضع الاقتصادي الحالي بالدولة، تشير إلى أن مصداقية خطط وبرامج الإصلاح المالي والاقتصادي التي شرعت الحكومة في تنفيذها، إنما تقاس أساساً بمدى استدامتها، من ناحية، ومدى الحرص من جانب جميع الأطراف على التوافق عليها، بالشكل الذي لا يؤدي إلى النكوص عن إجراءاتها، من ناحية ثانية، وبالتالي، فإن أي توجه سياسي لإفراغ تلك الإصلاحات من محتواها، سوف يخل بمصداقية السياسات الاقتصادية للدولة، ويعرض تصنيفها الائتماني للخطر. ان التخلي عن تعديل هيكل أسعار البنزين أو الغاء القانون 20 لسنة 2016 المتضمن لنظام الشرائح في تحديد تعرفتي وحدة الكهرباء ووحدة الماء من شأنه أن يخل بمدى جدية خطط الإصلاح التي اعتمدتها الحكومة في العام الماضي، والتي أدت إلى المحافظة على التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت. كما أنه سيبعث بإشارات ورسائل سلبية قد تهدد قدرة الدولة على المحافظة على تصنيفها الائتماني المشجع في الوقت الحاضر. ولسنا بحاجة إلى أن نذكِّر بتبعات تراجع التصنيف الائتماني للدولة وتداعياته، التي سيكون أولها – وهذا ليس أخطرها – فقدان الشروط الميسرة للاقتراض الخارجي وارتفاع كلفته. وقال التقرير الحكومي: «ولا يساورنا أدنى شك في أن أعضاء مجلس الأمة هم في مقدمة الحريصين على سمعة دولة الكويت ومصداقيتها في مختلف المحافل الدولية، وعلى مركزها الائتماني السيادي على الصعيد العالمي».

رد على المخاوف
على صعيد متصل، رد التقرير الحكومي على مخاوف اللجنة التشريعية، وقال: أوردت اللجنة التشريعية والقانونية بعض المخاوف التي أدت إلى موافقتها على الاقتراحين بقانون الخاصين بأسعار البنزين والكهرباء والماء:
1 – الخشية من أن تتحول زيادة الأثمان أو الأسعار إلى ضريبة مقنعة إذا ما زادت على حد معين، أو لم تكن هذه الزيادة تتناسب والسلعة المقدمة.
الخشية غير واردة، لأن ما نص عليه القانون رقم 20 لسنة 2016 من زيادة تعرفة الكهرباء وتعرفة المياه كحد أقصى لهاتين التعرفتين لا يزال أقل من تكلفتهما الحقيقية.
وإن زيادة أسعار البنزين، التي صدر بها قرار حكومي، لا تزال كذلك أقل من التكلفة الحقيقية لسلعة البنزين (ما عدا بنزين الألترا).
2 – الخشية من الإخلال بالعدالة الاجتماعية والمساس بذوي الدخل المحدود، باعتبار ان تحقيق العدالة الاجتماعية في المادة 24 من الدستور هو أساس للضرائب والتكاليف العامة.
فهذه الخشية مردود عليها بما يلي:
أ – إنه ولئن كانت أثمان السلع تخرج تماماً عن نطاق المادة 24 سالفة الذكر، إلا أنه مع ذلك فإذا كانت العدالة الاجتماعية هي اساس للضرائب والتكاليف العامة، فهما كذلك مورد من موارد الميزانية العامة للدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية ذاتها من خلال القنوات الكثيرة في الإنفاق العام مثل زيادة المرتبات والمعاشات التقاعدية والمساعدات العامة، ورفع مستوى معيشة الفرد.
ب – ما تنص عليه المادة 3 من القانون رقم 20 لسنة 2016 من أن يعامل المواطن الذي يسكن في السكن الاستثماري معاملة المواطن الذي يسكن في السكن الخاص من حيث تعرفة وحدتي الكهرباء والماء شريطة أن لا يكون مستفيدا من الدعم في سكن آخر.
ج – أن متوسط استهلاك الفرد للبنزين في الكويت لا يمثل نسبة كبيرة من الدخل الشخصي. وقد تبين من تحليل بيانات دخل الأسر الكويتية وغير الكويتية من واقع معلومات المسح الأسري الذي قامت به الإدارة المركزية للإحصاء، أن الزيادة في أسعار البنزين لا ترتب أثرا سلبيا جوهريا على المستهلك لأنها تزيد من إنفاق الأسر على الوقود والنقل بنحو نقطتين مئويتين وأن تأثيرها على معدل التضخم سيكون بنحو 0.75 نقطة مئوية.

التداعيات الإقليمية والدولية
في ختام التقرير أكدت الحكومة على ما قد يترتب على الأخذ بمقترحات إلغاء زيادات أسعار البنزين والكهرباء والماء من تداعيات سياسية واقتصادية إقليمية ودولية:
أحد الأهداف المهمة من إعادة هيكلة أسعار البنزين هو إعادة التوازن ما بين أسعار البنزين في دولة الكويت وأسعار البنزين السائدة في دول مجلس التعاون. حيث إن الكويت كانت الدولة الأخيرة من بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تقدم على رفع أسعار البنزين، إذ سبقتها إلى ذلك كل الدول الأخرى في المجلس. ولا شك في أن هيكل أسعار البنزين الذي اعتمده مجلس الوزراء في 2016/08/01 يحافظ على درجة أفضل من التوازن ما بين أسعار البنزين في السوق المحلي، وأسعاره في البلدان الشقيقة الأعضاء في دول المجلس ،وهو توازن تمليه مواثيق التعاون الاقتصادي مع بلدان دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي تجمعها والكويت أرضية اقتصادية مشتركة.
وأضاف: حيث إن دولة الكويت، عضو مؤسس وفاعل في منظمة التجارة العالمية، منذ إنشائها، فإنها ملزمة بجميع ما ورد باتفاقيات المنظمة، وهذا يقتضي أن تتناغم الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم والدعوم المقدمة لأثمان السلع مع المعدلات المقبولة عالمياً، بحيث لا تساهم مثل هذه الاعفاءات في فجوة كبيرة بين الأسعار المحلية والأسعار الدولية.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، وهو أحد أهم مرتكزات اتفاقية منظمة التجارة العالمية يقضي باتساق أسعار الصادرات الكويتية مع الأسعار الدولية، بعد ترشيد الدعم الذي تحظى به عند إنتاجها،
وذلك بهدف ضمان تنافس كل الشركاء التجاريين في السوق الدولي على نفس الأسس من التسعير. وكذلك فإن مبدأ المعاملة الوطنية وهو أيضا من بين أهم مرتكزات اتفاقية منظمة التجارة العالمية يقتضي تنافس جميع الشركاء التجاريين الأجانب داخل دولة الكويت، على نفس الأسس من التسعير القائم على ترشيد الأسعار من الدعوم غير المبررة في المعاهدات الدولية. وجلي هنا أن تعديل هيكل أسعار البنزين يتوافق مع هذه المقتضيات ويشكل معالجة مطلوبة وملحة من أجل تضييق الفوارق ما بين الأسعار المحلية ومتوسطات الأسعار الدولية.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.