بن برجس : التواصل في الماضي بين أهل البادية ومدينة الكويت كان يزداد في رمضان

قال الباحث في التراث الشعبي الكويتي احمد بن برجس ان التواصل في الماضي بين اهل البادية ومدينة الكويت وما يجاورها من القرى كان يزداد مع دخول شهر رمضان المبارك وقبله نظرا لزيادة حركة بيع وشراء المواد الغذائية والملابس والمستلزمات الاخرى.
وقال بن برجس في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) حول اجواء الشهر الفضيل في البادية ان اهل البادية كانوا يتجهون في 29 شعبان ويتقدمهم شيخ القبيلة وجمع غفير من الأعيان الى أعلى قمة تل لتحري رؤية هلال رمضان حيث يتسابقون على رؤية الهلال وخصوصا أصحاب البصر الحاد الذين يشاهدون الهلال بالعين المجردة وبعد التأكد من رؤيته يهلل الناس ويكبرون ثم يذهبون لأداء صلاة المغرب.
وذكر ان الشيخ أو أمير القوم يقوم بابلاغ باقي القبائل المجاورة والقريبة بعدة طرق منها إطلاق طلقة رصاص بندقية في الهواء وهذا يكون إعلانا بوجوب صوم اليوم التالي الذي يكون غرة شهر رمضان أو عن طريق إشعال النار في أعلى قمة التل القريب من المناطق المجاورة.
وافاد بأن بعض القبائل ترسل احيانا مناديب على ظهور الجمال والحمير يبلغون الناس بحلول شهر رمضان وقد يتأخر بعضهم يوما في التبليغ بسبب بعد المسافة مما يجعل البعض يتأخر في الصوم ثم يتم قضاؤه بعد عيد الفطر.
وقال ان البدو يستعدون لرمضان قبل حلوله بشهر او شهرين حسب بعدهم من المدن التي يتزودون منها بمستلزماتهم فتقوم مجموعة منهم برحلة تسمى “الحدرة” الى اقرب مدينة لهم يشترون منها الارز والسكر والشاي والقهوة والهيل والجريش والهريس والحلويات الجافة للأطفال اضافة الى ملابس العيد.
واضاف ان التجار والموسرين منهم يكثرون من شراء المواد الغذائية للصدقات والولائم التي يقدمونها للمحتاجين من افراد القبيلة.
واشار الى ان البدو كانوا يعتمدون في اتمام عمليات الشراء على بيع الصوف والدهن و”الاقط” (اللبن المجفف) واحيانا على المقايضة ففي السابق لم يكن اهل الكويت يستخدمون الزيت النباتي المصنع بل يعتمدون على الدهن الذي يجلبه البدو حيث يتجمع ابناء البادية في سوق الدهن وهو من الاسواق المشهورة في الكويت سابقا حيث يوجد اكثر من 20 دكانا لبيع وشراء الدهن ويسمونه (الدهن العداني) نسبة الى منطقة العدان.
واضاف ان البدو كانوا يحضرون الدهن بوعاء من الجلد يسمى (عكة) يفرغ في عبوات معدنية (التنك) بعد وزنه في القبان الكائن في مركز البلدية بالقرب من سوق الدهن ثم يباع للمستهلك بالأوقية بسعر خمس روبيات وتزن “التنكة” ما بين 15 الى 20 اوقية.
وقال بن برجس ان اهل البادية كانوا يبيعون ايضا منتجات الابل والأغنام “كالوبر والصوف والاقط واللبن والزبد ويعتبر اللبن من المشروبات الاساسية التي كان يعتمد عليها اهل الكويت ويتناولونه مع كل وجبة”.
ووصف حياة البدو خلال رمضان بالبساطة اذ يقضي الرجال فترات النهار في الرعي وجلب الحطب والمياه في حين تقوم النساء بالتجهيز للافطار بالطبخ الذي يتم بطرق بدائية عن طريق اشعال النار بأخشاب الشجيرات البرية.
واضاف انه “حينما يتزامن شهر رمضان مع موسم القيظ يقوم البعض بتنقيع قطعة قماش بالماء ثم يضعها فوقه ويضع فوقها غطاء آخر لتبريد جسمه من الحر وتعويض نقص السوائل فيه نتيجة الصيام”.
ولفت بن برجس الى ان “وتيرة الاستعداد للافطار والليل تزداد بعد العصر فيتم التجهيز لتحضير دلال القهوة واباريق الشاي وجلب الماء من مياه الامطار المخزنة او من مدينة الكويت اضافة الى فرز الرطب او التمر الجيد فاذا جاء وقت الافطار تم تقديمها مع شيء من الاقط او السمن او اللبن او القهوة قبل اداء صلاة المغرب”.
واضاف ان “وجبة الافطار تتميز بالبساطة اذ كانت عبارة ثريد (تشريب) وهريس ويقدم معها حليب ابل او لبن غنم ثم تقام صلاة التراويح وقراءة القرآن الكريم وبعد الانتهاء يتجمع الاهالي لتبادل أطراف الأحاديث والقصص الدينية وتناول التمر مع القهوة العربية الى ان يأتي وقت النوم ثم السحور الذي يتكون في الغالب من حليب الابل وبعض الارز”.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.