خالد الجنفاوي:”تغريد” يرفض الوصاية

غرد: “بالتحريك الغَرَدُ: التَّطْرِيبُ في الصوت والغِناء. والتَّغَرُّدُ والتغريدُ” (لسان العرب).
يحمل “العصفور” معاني رمزية متعددة. وفق بعض المصادر: يعتبر الطائر في الثقافة الأغريقية القديمة نذيراً بحدوث أمر ما في المستقبل القريب. ويحمل الطير في الأدب الصيني القديم معاني مختلفة: فهو يعبر مثلاً عن كائنات خيالية وكاملة, وفي سياقات مختلفة ربما تعبر الطيور عن عبث وعدم محدودية الخيال الإنساني ! بل خفة وزن العصافير تعبر أيضاً عن قابليتها للطيران, وتحليقها هنا وهناك بلا هدف (بتصرف-قاموس الرموز-بنجوين). وما يستدعي الانبهار والعجب حول “التويتر” استخدامه لصورة عصفور أزرق يغرد ! فكيف يهدد عصفور صغير الحجم أمة بأكملها, ويسبب لها صداعاً حضارياً وثقافياً لم تعرف بعد كيف تتعامل معه?! فرمزية التويتر “Twitter” وربما بعض تغريداته العصفورية واليومية المليونية عاثت في الأرض فساداً وبدأت على ما يبدو تهدد أساطين (عماد) مجتمعات وثقافات ملأت الأرض بالشعارات الرنانة ! ولكن يستحيل في عالمنا المعاصر فرض الوصاية بشكل صارم على وسائل التواصل الاجتماعي, بل من المفروض الحرص على فرز غثها عن طيبها, وتشجيع ما يؤدي منها إلى تكريس تنمية بشرية عصرية وإيجابية.
بل أعتقد أن تغريدات التويتر وبخاصة تلك التي تطالب بإعادة غربلة طرق تفكير تقليدية وجامدة ترفض الوصاية الفكرية والأخلاقية, فهي كشفت الخلل الرئيس في جزء معين من الذهنية الشرق أوسطية, هوس السطوة, وبعض رغبات مستميتة في الوصاية والسيطرة على أذهان الناس. يرافقها بعض الأحيان رفض قبول التطورات الإنسانية الطبيعية. فإذا كان لكل زمان ظروفه وأحداثه ورجاله ونسائه, فلكل زمان أيضاً طرق تفكيره, ونماذجه العقلية المختلفة. فالمشكلة الحقيقية حول بعض الضيق والتشاؤم والرهبة غير المستحقة تجاه تويتر وفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي بسبب أنها جعلت العالم قرية واحدة, فقربت المسافات بين بني البشر وأصبح التأثر المتبادل بين الناس (سلباً وإيجاباً) حتمياً.
كل تغريدة في الفضاء الاكتروني الشاسع, وبخاصة تلك التي تطالب بتغيير طرق التفكير البالية واستبدالها بما يخدم الإنسان العادي وتمكينه من ربط آماله وتطلعاته المشروعة بما يمكنه تحقيقه فعلاً في بيئته الوطنية, ترفض الوصاية والتلقين المتحذلق من قبل البعض ! والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر دريدة الساسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.