وضحة المضف: النظام الانتخابي … الورود والأشواك

فوضى عارمة تجتاح الساحة السياسية في الكويت تجعلك تتيقن أو تبدأ بالشك بأن الكويت قد ضاعت، لحظة لحظة قبل أن تعترض! ضاعت ليس بشكل مادي بالطبع فنحن موجودون فيها الآن، أضلت طريقها هو ما أعنيه بسبب اغتصاب الضمائر الفاسدة الدستور والقانون وتكييفه حسب الأهواء والدم المراق نتيجتها المصلحة العامة للمواطن والوطن، فمن يرفض اليوم تعديل النظام الانتخابي كان يطالب بتعديل الدوائر وإصدار مرسوم ضرورة وكان يؤكد بشدة أن الدوائر الخمس مرحلة انتقالية للدائرة الواحدة وكان يحض القيادة السياسية والحكومية ويضغط بكل ما أوتي إلى استخدام كل الرخص الدستورية لإصدار مرسوم ضرورة وفق نص المادة «71» من الدستور وهنا بالطبع أعني ما طالب به النائب أحمد السعدون في نوفمبر 2008.
أعتقد أن الكويت هي باقة من الورود ومعظم الناس يعتقدون أن الورود فيها نقص وعيب، ألا وهو أنها تمتلك أشواكا ولكنني أرى ذلك من منظور آخر، أعتقد أنه لشيء رائع أن تمتلك الورود أشواكا وهذه الورود بكل تأكيد هي الشعب الذي تحيط به حزمة من الأشواك، والأشواك هي الخبراء والمختصون الذين يقفون في حلقوم من يريد أن يفصل الدولة على مقاس مصالحه، تعالوا نعود بالذاكرة إلى عام 2008 بعد أن تقدمت الحكومة لمجلس الأمة بطلب اللجوء للمحكمة الدستورية للفصل في دستورية الدوائر الخمس والذي انسحب على أثره النواب من قاعدة عبدالله السالم احتجاجا على الطلب الحكومي وهم أنفسهم من تقدم بمقترح الدائرة الواحدة بعد ذلك، وهذا لا ينطلي على أصغر طفل يتقلب في حضن أمه، فالحكومة اليوم أمامها طريق واحد هو عدم الالتفات لمن يضع البلد على كف عفريت وعليها تصحيح أخطائها، فأي تعديل للنظام الانتخابي مهما كانت عدالته سيجابه بالرفض ليس إلا، وعلى رئيس الحكومة ألا يفتح أذنيه أكثر من عينيه فذلك كان مقتل أسلافه في ما مضى، فالدوائر الخمس التي تحوم حولها شبهات مؤكدة بعدم دستوريتها قد كرست التصنيفات المجتمعية كما أنها لم تقضِ على المثالب في النظام الانتخابي السابق بل عززتها أكثر، فكلما كان النظام الانتخابي قادراً على تمثيل أكبر لكل الفئات كان نظاما انتخابيا أكثر قوة وقدرة.
فتعديل النظام الانتخابي بات ضرورة ملحة مع منح صوتين لكل ناخب، فبعد أن جئنا بالنظم الانتخابية المعمول بها في الدول الأخرى ووقفنا على تجربتها وجدنا نظام الصوت الواحد في الوقت الراهن حتى وإن كان وفق الدائرة الواحدة سيسهم في تفتيت العملية السياسية وتمزيق المجتمع ما لم يحفظ التوازن وعي اجتماعي وسياسي عالٍ، ففي الحالة الكويتية كفة التوازن ما زالت مختلة وسيلعب نظام الصوت الواحد دورا بارزا في تزكية النزعات القبلية والفئوية والطائفية وفي تفتيت الأصوات الانتخابية بحيث لا يتم الإجماع على المرشح صاحب البرنامج الانتخابي أو السياسي بل سيكون الإجماع على المرشح القبلي والطائفي والفئوي، والواقع السياسي الكويتي أخبرنا أكثر من مرة أن الترشيح لا يقوم على أسس سياسية أو برامجية بل على أسس قبلية وطائفية ضيقة، فالعملية الانتخابية أمام خطر داهم فأي متضرر يمكنه الطعن بعدم دستورية النظام الانتخابي القائم لعدم المساواة في الدوائر الانتخابية أمام المحكمة الدستورية ما يؤدي إلى بطلان الانتخابات المقبلة لعدم دستورية توزيع الدوائر، فلابد من معالجة استباقية وجذرية سريعة تحصن العملية الانتخابية ما دام الاشتباك سلمياً حتى اللحظة بين البرلمان والحكومة، فالشعب مشتاق لمرحلة محترمة من التمثيل النيابي والحكوميا تحقق آماله وطموحه وتفي بحاجاته فقد سئمنا الترف الزعامي «التهديد والوعيد» قوت النواب، فأكبر مسؤول برلمانياً كان أم حكومياً لا يوازي حاجة مواطن لدفع قسط سيارة ابنه يقتطعها من قوت يومه ليذهب بها إلى الجامعة اليتيمة.

walmudhafpen@hotmail.com
Tiwttre@wadhaAalmudhaf
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.