ياسر الصالح: عريضة «الأغلبية».. جلبة وصياح

يقول المثل العربي «إذا لم تقدر أن تغلب فاجلب»، أي إذا لم تستطع أن تغلب خصمك بالحجة، فاعمل فوضى وصراخا وصياحا واجمع الناس.. وهذا بالضبط ما تصنعه «الأغلبية» المنحلة، وتهدد بالمزيد منه، وما «العريضة الرمضانية» إلا أحد أوجه هذه «الجلبة» التي لجأوا إليها عندما أعيتهم الحجة القانونية والدستورية.
حسب عريضتهم، فإنهم في بندها الأول يرفضون استمرار مجلس 2009، بحجة أنه «أسقطته الإرادة الشعبية والقيادة السياسية»، وهنا توجد مغالطتان، فـ «القيادة السياسية» التي أسقطت المجلس، هي التي أرجعته، وذلك إذعان منها لحكم المحكمة الدستورية، فكيف تسوقونها كحجة لرفض المجلس؟!
أما المغالطة الأخرى، فتكمن في كيفية تحديد «الإرادة الشعبية»، فهل عشرات من مقتحمي مجلس الأمة هم «الإرادة الشعبية» الحقة التي يجب أن تذعن لها الأمة أجمعها، وهم المتهمون بجريمة تكسير وإتلاف هذا المرفق الرمز؟
أما البند الثاني في عريضة «الأغلبية» المنحلة، فهو يمثل مخالفة واضحة للمادة 71 من الدستور، حيث يعترض البند على ممارسة الأمير لصلاحياته عبر حكومته في إصدار مراسيم الضرورة، التي هي حق له وتحديدها بيده ولمجلس الأمة بعد إصدارها الحق بالموافقة أو عدمها، بل إن هذا البند من «العريضة الرمضانية» تمادى بأكثر من ذلك، حيث رفض حق اللجوء للقضاء لإبعاد الشبهات الدستورية، بل إنه سلب المحكمة الدستورية حقها في النظر في الخصومات، وإعطاء الآراء الدستورية، وقد سمي ذلك بـ «إقحام السلطة القضائية بالصراع السياسي»، هكذا.. أربعة خبراء دستوريين (الفيلي والطبطبائي والمقاطع وحميدة) أجمعوا على عدم دستورية قانون الانتخابات، والمحكمة الدستورية حكمت ببطلان حل مجلس 2009، والدستور صريح بصلاحيات الأمير، بإصدار مراسيم الضرورة عبر حكومته، وصريح بأنه لا يستطيع ردها إلا مجلس الأمة بعد انعقاده.. كل هذه الحجج الدامغة يتصدى لها أحمد السعدون ومسلم البراك ورفقاؤهما بإحداث «جلبة» وصياح في الشارع، وعبر تجميع تواقيع على عريضة لا دستورية منقلبة على صلاحيات السلطات الدستورية.. فهل يعي الأتباع من الشباب وغيرهم بأن هؤلاء يجرونهم من فشل إلى فشل، ومن مخالفة للقوانين إلى مخالفات يتحمل فيها الشباب وحدهم التبعات و«البهدلة»، ويلوذ فيها الكبار خلف الحصانة، ويحمون معهم أبناءهم، من دون سائر الشباب، من التبعات القانونية والاعتقال، كما صنعوا مع الشباب المقتحم؟
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.