القرارات الكبيرة تحتاج إلى رجال كبار لاتخاذها والدفاع عنها والالتزام بها, القرارات الكبيرة, تحتاج إلى رجال كلمتهم مثل السيف, لا يتراجعون ولا يتخاذلون ولا يتملصون, أما الموقعون على “وثيقة رمضان” الداعية لمقاطعة الانتخابات تصويتا وترشيحا في حال تغيير النظام الانتخابي القائم, فهؤلاء لن يقاطعوا, ولن يقاطعوا, ولن يقاطعوا, فهم أصحاب مصالح و”طلاب” مناصب, ومثلهم يدرك أن لا قيمة لهم ولا شأن ولا نفوذ من دون صفة نيابية وحصانة برلمانية. وعلى سبيل الاستدراك, ففي حال تم تغيير نظام التصويت, واقتصار حق الناخب على صوت واحد, فإن عدداً من الموقعين على الوثيقة لن يخوضوا الانتخابات المقبلة, وهذا ليس تقيدا منهم بقرار مقاطعة الانتخابات, وإنما ليقينهم بانعدام فرص نجاحهم بعدما انتفت نهائيا أسباب وجود التحالفات التي كانت تفرضهم فرضا على الناس!
هذا في ما يخص عدد منهم, أما بقية الجوقة, فهذا أنا وهذا أنتم, واحتفظوا بهذه المقالة كحجة علي إن لم يصدق كلامي, فهؤلاء سيخوضون الانتخابات, وسيجدون لهم من الأعذار والأسباب والمبررات ما يضحكون به على السذج والبلهاء من ناخبيهم. انتبهوا, فما أقوله ليس تنجيما ولا ضرباً من الخيال, بل هو واقع استقيه من خبرات متراكمة وتجارب سابقة كلها تشير وتؤكد إبداعهم في الكذب والتدليس والتملص من الوعود. اسألوهم واسألوا أنفسكم: أين وعودهم في إقرار قوانين النزاهة وكشف الذمة المالية ومكافحة الفساد خلال شهرين من بدء المجلس المبطل? أين استقالاتهم من مجلس 2009 التي وعدوا بتقديمها وأعلنوا عنها بالصحف? أين تعهداتهم بحماية الشباب مقتحمي المجلس والوقوف إلى جانبهم? ألم يتركوهم يواجهون مصيرهم الأسود, وينزووا بعيدا عنهم محتمين بحصانة مجلس “القبيضة” والخزي والعار?
لن أذكركم بتعهدهم أن لا تراجع عن دمج استجوابي الوزير الشمالي, ومن ثم نكوصهم في أقل من 24 ساعة, لا لن أذكركم بأي شيء آخر يدلل على أن لا كلمة ولا عهد لهم, فاستحضار مواقف هؤلاء يثير في نفسي القرف. لذلك أقول لكم: حبا بالله واحتراما لأنفسكم, لا تجعلوا هؤلاء يشترون ويبيعون فيكم, لا تسمحوا لهم أن يسرقوا تعبكم وجهدكم ويتاجروا بعرقكم, فوالله ما اخترع هؤلاء “وثيقة رمضان” إلا لإشاعة الفوضى وتوتير الأجواء, وقد أعلنها صراحة أحدهم, حين قال: “بعد ساحة الإرادة سنقوم بتحريك النقابات والجامعات”. فبالله عليكم, هل يقول هذا من في قلبه حرص على استكمال دستورية النظام الانتخابي وحمايته من الطعون? ألا يريد هذا وأمثاله أن تستمر البلاد في حالة فراغ دستوري وإبطال متكرر للمجلس, حتى يتكسب هو وصحبه ويتعيشوا من حالة الاضطراب الدائم?. فتحوا عيونكم زين, وافسخوا فورا عقد استئجارهم لعقولكم… فلن يقاطعوا, ولن يقاطعوا, ولن يقاطعوا!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق