خالد الجنفاوي: الكويت تستحق “حرية” إيجابية وبناءة

“ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الأنفال 53).

إذا تفشى أمر حسن في المجتمع, أي كثر وراج وأصبح كما يقول البعض “تحصيل حاصل”بين عامة الناس فربما يتحول أحياناً من كونه نعمة إلى نقمة وذلك بسبب الذنوب الشخصية المتراكمة حوله أو بسبب سوء الاستعمال. ويكمن سر هذا التحول المفاجئ في طبيعة النعمة (مهما كانت) بسبب التعود عليها واستغلالها فيما ليست له. ومشكلة “الحرية” بكل رونقها وسعادتها وبهجتها واشتقاقاتها المثالية أنها متى ما راجت في المجتمع الإنساني فلابد أن يوجد نفر من الناس من يبدو يصرون على إخراجها قسراً عن سياقها المناسب ! فهؤلاء هم من يحولون نعمة الحرية إلى نقمة لانهم لا يدركون معانيها الحقيقية, وربما لا يستحقونها بسبب سوء تصرفاتهم وبسبب غيهم وطيشهم.
أعتقد أننا ككويتيين وكأفراد نعيش في هذا الوطن الطيب حرية شخصية وعامة لم يسبق لها مثيل في سياقنا الاقليمي. وإن جادل البعض أن ثمة أفراداً معينين فقط أو مجموعات معينة هم من يحاولون القضاء على حريتنا الشخصية بسبب طيشهم وإستهتارهم بمسؤولياتهم الوطنية. ولكن لن يمنع ذلك من أن يستمر الانسان العاقل يقدر الحرية ويحافظ عليها كي لا تتحول إلى نقمة في مجتمعه. على سبيل المثال: أشعر كمواطن كويتي بحرية شبه مطلقة في إبداء رأي الشخصي حول أي قضية محلية ولكنني أدرك أيضاً المسؤوليات المترتبة على تلك الحرية. بمعنى آخر, من المفروض أن يحرص المواطن الصالح على الاستفادة من الحرية المتاحة في مجتمعه لتطوير حياته الخاصة ومجتمعه ويبث مزيد من الايجابية في بيئته. ومن يسعى الى تحقيق هذا التناول الايجابي للحرية يستحقها قولاً وفعلاً. أما إذا بدأ أحدهم يستغل حريته الشخصية لهضم حريات الآخرين وبخاصة المساوين له في الحقوق والواجبات الوطنية فهو يستغل الحرية بشكل سلبي ويحولها , سواء علم بذلك أم لم يعلم,إلى نقمة وذنب عظيم.
كويتنا الحبيبة تستحق منا كأفراد الإستمرار في ممارسة حرية إيجابية فعالة وبناءة, تشيد ولا تهدم, تُسعد ولا تُحزن, وتُطور ولا تُؤخر, وتُوفق الاراء ولا تُفرِّقها, وتزيد من تآلف المواطنين, ولا تُقصي بعضهم ظلماً وبهتاناً. فالحرية البناءة هي تلك التي تزيد من إحترام الانسان الحر لنفسه وللآخرين ولا تقلله, وتُعلي شأنه ولا تنقصه, وتنشر الحب والمودة وتكافح الكراهية في المجتمع. فلعل وعسى.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.