عبداللطيف الدعيج: احنا وين والأولمبياد وين

مع ان اولمبياد لندن يبعد عنا آلاف الكيلومترات فإنه كشف الكثير من زيفنا وادعاءاتنا كمواطنين وكمؤسسات، كمتابعين وكمسؤولين، وحتى من لم يكن له علاقة او شغل بالمناسبة. الرياضة التي نحاول ان ننافس الغير فيها هي بالنسبة لنا «اكسسوار» او زهلقة للشكل ليس الا. تماما مثل العلم ـ قصدي الخرقة تيمنا بنوابنا – او النشيد الوطني او حتى مجلس الامة. هذه كلها مع الاسف ليست الا ادوات لاستكمال شكل الدولة، وليست ـ كما يجب ان تكون او كما هي ـ مؤسسات وبنى سياسية او اجتماعية هدفها خدمة الانسان او التأثير الايجابي في المجتمع.
الرياضة في المجتمعات التي ذهبنا الى لندن لمنافستها هي اسلوب حياة. وسيلة من وسائل التعبير عن النفس، او الارتقاء والنمو، واحدى اهم وسائل القياس واختبار قدرات الفرد. وعلى المستوى الجماعي فانها تحل محل البنى والمؤسسات القديمة مثل العشيرة او الطائفة او حتى العائلة، اذ يصبح الرباط بين بعض الافراد هو الانخراط في لعبة او تشجيعها عوضا عن التعصب للدم او المذهب. عندنا لم تنم شخصية الفرد او تتكون بعد. فما زال اغلبنا يعتمد على اسرته او قبيلته او طائفته لمواجهة التحديات والمصاعب الاجتماعية. بينما في المقابل نجد الانتماء الطبقي او المهني لا يزال في طور النمو، ان لم يكن لم يولد بعد. ربما لهذا كانت مشاركاتنا الاساسية ولفترة طويلة في الرياضة مقصورة على الالعاب الجماعية، مثل كرة القدم او كرة السلة، بينما ظلت العاب القوى والمسابقات الفردية عصية على تأهل الانسان العربي حتى وقت قريب.
الآن بعد ان تأهل بعض نجبائنا فان هذا التأهل يبدو وكأنه لا يعني احدا هنا. اذ لا يزال تأهلا «شخصيا»، لا نزال ننظر اليه على انه مكسب فردي لصاحبه، وليس مكسبا اجتماعيا ووطنيا عاما علينا جميعا ان نحتضنه ونفخر به. لهذا لم نسمع كما يجب عن المتأهلين من شبابنا ممن شرفونا بتمثيلنا في اولمبياد لندن. اللهم الا البطل فهيد الديحاني الذي تم تداول اسمه لانه حمل العلم «علما بان اغلب التمجيد به تم مع الاسف قبليا، اي لانه مطيري». اما بقية الابطال فلم نسمع بهم الا بعد خسارتهم وخروجهم من التصفيات.
المحزن اكثر ان يستخدم البعض بشكل سمج ووحشي، وايضا من مدعي الانفتاح والليبرالية (كما حدث مع ميسون السويدان)، مشاركة البطلة «فَي السلطان» للنيل من قريبها النائب المتدين خالد سلطان. باعتبار ان مشاركتها تتعارض مع ما يدعيه او يحاول فرضه على بقية الناس. رغم ان النائب سلطان ليس له سلطة على افراد عائلته هو، فكيف على ابناء اخوانه او اقربائه. كان المفروض ان نتحمس وان نشعر بالفخر «انا شخصيا شعرت بالبهجة لدرجة ان عيني دمعت وانا اشوف علمنا على راس فَي السلطان». مع الاسف ذهبت فَي سلطان لترفع علم الكويت عاليا، لكنها تتلقى الجلد والتعريض ممن كان يتباكى عندما اهان البعض علم الوطن بتجاهل تحيته او تعريفه بالخرقة! المحزن اكثر ان يتلقى البطل فهيد الديحاني التشجيع بوصفه «مطيري» وليس كويتيا من قبل بعض ضيقي النظرة من القبليين بينما تُجلد فَي السلطان من قبل من يدعي الانفتاح والليبرالية.
في النهاية لم ندعم احدا بالشكل الكافي، وان كان البعض منا شجع. لكن مع الاسف بقيت مؤسساتنا ومن يملك المال منا بعيدة عن دعم الرياضة او الرياضيين في وقت نرى فيه على سبيل المثال منشدا يتلقى ربع مليون دينار لقاء اعلان سريع.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.