وصلت طائرة الملك حسين وقد خط على جانبيها اسم «بغداد» اما طائرة الوفد العراقي فحملت اسم «صلاح الدين»، الاسمان ليس مرخص لهما في الطيران الدولي وفي مؤتمر العاشر من اغسطس 1990 تحالفت الاحزاب لتأييد احتلال الكويت وعلى رأسهم المنتفعون من الكويت والذين شيدوا على ارضها كيان دولة داخل دولة فلهم الاسواق واجهزة الدولة عرفات وابو اياد ذهبا لمقابلة خادم الحرمين الملك فهد دون موعد مسبق وكان جدول لقاءات الملك فهد مزدحما وطال انتظار عرفات وصاحبه فاقترب منهما احد مساعدي الملك ليعلمهما ان العاهل السعودي لن يستقبلهما قبل الغد .. قال عرفات غاضباً: «(شو الغد..) فأخبر ان وزير الدفاع الأمريكي والوفد يواصلون مباحثاتهم مع الملك.
عرفات يفكر كيف يمضي ليلته .. لا توجد خطوط من جدة، فجرى ترتيب كل شيء.. الملك فهد وضع بتصرفهما طائرة خاصة ليذهبا بها لقضاء ما تبقى من الوقت في فيينا لتعود بهما مساء اليوم التالي.
٭٭٭
جاء في كتاب حرب الخليج – الملف السري لبيار سالنجر واريك لوران الفصل الثامن ص 190 ان اجهزة الاستخبارات لدى منظمة التحرير زودت العراق معلومات مفصلة عن مخازن الاسلحة في الكويت، لذا استولى العراقيون بسهولة على معدات عسكرية متطورة معظمها من مصدر امريكي وكان يمتلكها الجيش الكويتي، هذه الاسلحة زودت بها ايضا القوات الاسرائيلية واسرار البنوك الكويتية وخاصة البنك المركزي واسماء من يحمل المفاتيح وهم غير كويتيين.
الرئيس السوري حافظ الاسد كان يحتقر عرفات ويذكره بموقف الكويت منذ ان استضافت منظمة التحرير في ارضها، والرئيس مبارك كان يرتاب منه، ودول الخليج العربية تؤنبه على خيانته ونكران فضائل الكويت.
جاء عرفات وابو اياد للقاء الملك لعرض الشؤون المالية للمنظمة بعد ذهاب الكويت وتوقف التمويل المغدق، بعد الاحتلال باربعة ايام فقط.
هكذا جاء عرفات ليفاوض ويستجدي دون حياء.. ولم يذكر الاحتلال بل يريد بدل تمويل الكويت. العاهل السعودي عنف ضيفه على نكرانه الكويت وتهجمه على اسرة الصباح، فقال لدي انتقادات عديدة عليهم.. قال الملك: الم يدفعوا ديونكم ويعلموا ابناءكم وانشأوا منظمتكم وصرفوا لكم الاموال.
وابدى ولي العهد سمو الامير عبدالله غضبه نحو عرفات وصاحبه وقال سموه: «انتم الفلسطينيون انكرتم ما انعم الكويتيون عليكم هكذا تبادلونهم» وتصاعدت حدة الكلام شيئاً فشيئاً، الان لم يمض على احتلال الكويت الا ايام جئتم لاخذ جزية الكويت.
٭٭٭
< المؤتمر وتحالف الأحزاب: حضر الوفد الكويتي برئاسة سمو الامير الشيخ جابر الأحمد.. دخل طارق عزيز رئيس الوفد العراقي ومعه رئيس الوزراء سعدون حمادي وطه ياسين رمضان قائد الجيش الشعبي دون ان يلتفتوا الى الوفد الكويتي ودخل ياسر عرفات دون ان يلقي نظرة الى الشيخ جابر واعضاء الوفد وشارك صاحب السمو في الجلسة الافتتاحية وخرج وبقي سمو الشيخ سعد رئيس الوزراء وولي العهد.. ووزير الخارجية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر، قام الوفد العراقي بحركات صبيانية مثل قذف الصحون من قبل ياسين رمضان فانتفض الشيخ سعد وقام لضربه فتدخل بعض الرؤساء والوزراء ولوح رمضان بمسدس يحمله، احس الوفد الفلسطيني بعمق عزلتهم فالعديد من رؤساء الدول لا يردون عليهم التحية لجحودهم الكويت ونكران مواقفها الملك الاردني وعرفات والقذافي والعراق واليمن وتونس .. عرفات خطب لمدة 45 دقيقة دون ان يذكر احتلال الكويت اقترح عرفات ان يذهب وفد للقاء صدام في بغداد وقال ضعوني في مدفع واطلقوني الى بغداد سمو الامير الشيخ صباح يرد على الوفد العراقي: (لقد انتهكتم جميع القوانين الدولية) وانكرتم مواقفنا الصادقة نحوكم.. ولم ينزل الى مستوى المسبات والشتائم العراقية وردحهم في قاعة المؤتمر.
الشيخ سعد بعد ان ادرك تحالف الاحزاب طلب كلمة فقال له الرئيس مبارك لقد اخذت فرصتك فأصر لما ادرك المؤامرة فارتجل كلمة استمال بها عطف الاغلبية .. الرئيس مبارك قال: عندما كذب علي صدام فان اربعين مليون مصري شعروا بنفوسهم انهم مهانون.. عرفات دخل في عراك مع الصحافيين المصريين ليترك الجلسة.. كسبت الكويت التأييد.
امر آخر شغل قضية الاحتلال، في اليوم نفسه خرج الاردنيون بدعوة من الاخوان المسلمين بالألوف متظاهرين في شوارع عمان العاصمة ومدن اخرى دعماً لصدام حسين، واقسموا انهم سيقاتلون دفاعاً عن صدام لكن لم يوفوا بعهدهم، والاخوان المسلمون في الكويت ما زالوا منقادين لاخوان الاردن واخوان الدول العربية الاخرى ويدينون لهم بالطاعة والولاء.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق