“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ…” (الحجرات 12).
حسناً فعلت الحكومة باللجوء للمحكمة الدستورية وتقديم الطعن في قانون الدوائر الانتخابية لما في ذلك من تحصين لإرادة الأمة. فمنطقياً, حري بالحكومة (والتي تقسم عادة بالحفاظ على الدستور وقوانين الدولة وعلى مصالح الشعب) أن تكون أكثر حرصاً من غيرها على تدعيم دولة المؤسسات والقانون. وأعتقد أيضاً أن “الحكومة أبخص” بمسؤولياتها الدستورية والقانونية وبواجباتها الأخلاقية, وبخاصة في ما يتعلق بتكريس مزيد من العدالة في توزيع الدوائر. وأحسن الظن بالحكومة وذلك لأنني اعتقد أن تقديمها للطعن في قانون الدوائر الحالية يأتي بهدف انتشال البلاد من احتمالية الفوضى المترتبة, وبخاصة في ظل وجود فرصة كبيرة في تقديم عدد من الطعون في دستورية الدوائر الخمس.
ولقد طالبت الغالبية البرلمانية السابقة بالحفاظ على الدوائر الخمس, وذلك لأسباب متعددة منها على سبيل المثال ما يبدو استفادتها من التقسيمة الحالية, ولكن المعادلة الديمقراطية الصحيحة تشير مثلاً إلى عدم مشروعية وعدم منطقية عدم حصول محافظة كبيرة مثل الجهراء على من يمثلها في البرلمان, وذلك بسبب عدم عدالة الخمس دوائر. إضافة إلى ذلك, الطعن في عدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية يمثل نقلة سياسية نوعية حيث بينت الحكومة في إنجازها الأخير صدق نواياها وجديتها في العمل ضمن القوانين الدستورية. فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تحتمل الحكومة عدم عدالة تقسيم الدوائر وتباعاً يطلب منها التعامل مع برلمان ربما لا يمثل الإرادة الشعبية الحقيقية.
بل اعتقد أن من حسن حظ بعض التيارات السياسية في البلد, وبخاصة من يطالبون بالإصلاح الحقيقي أن تلجأ الحكومة للمحكمة الدستورية. فهذا الإجراء على الأقل سيكشف عمن يريدون فعلاً تطبيق دولة القانون والمؤسسات ويكشف القناع كذلك عن الذين يستخدمون اللغو الديمقراطي لاشغال الناس عن الإصلاحات الحقيقية. بمعنى آخر, وجود حكومة تعي تماماً واجباتها الدستورية ومسؤولياتها الفعلية أمام الشعب وفي ظل تقسيمة دوائر عادلة وتعكس الرأي العام الحقيقي في الكويت ينبئ بمستقبل مزدهر للبلد. فلقد مل كثير من الناس تواتر موجات التناحر وتقلب مواسم التماحك وهدير عواصف الطروحات الشخصانية والتي يبدو لا تنتهي, والتي تتواجد أصلاً في الساحة المحلية بسبب عدم عدالة تقسيم الدوائر الانتخابية. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق