عبداللطيف الدعيج: جماعة المقاطعة غير

واضح الآن أن الحكومة تنوي الطعن في قانون الانتخاب بأكمله وليس في سوء توزيع المناطق الانتخابية. هذا يعني أن هناك اتجاهاًَ حكومياً لتعديل قانون الانتخاب وتغيير آلية التصويت بالذات. ومن الواضح، أيضاً، أن توزيع المناطق غير عادل أو غير دستوري كما يزعم البعض، والواضح، أيضاً، أن آلية التصويت «الجمعي» تشجع على التعصب القبلي والطائفي والفئوي أيضاً، وأن الحل لنبذ الطائفية والقبلية والفئوية هو تقليص التصويت، بحيث يصبح الناخب ملزماً بالتصويت لمرشح واحد أو مرشحين اثنين كما يطرح البعض.

معارضة الحكومة في «تفردها» بتعديل قانون الانتخاب أمر، ومعارضة تعديل قانون الانتخاب نفسه أمر آخر، هذا على ما يبدو ما لا تدركه العقلية السطحية لاتباع «المقاطعة»، فلا شك أن هناك متضررين من التوزيع الحالي للمناطق، أغلبهم بالطبع في الدائرتين الرابعة والخامسة، مركز ثقل نواب المقاطعة، ولا شك، أيضاً، أن هناك متضررين أو معارضين لآلية التصويت الحالية، منهم الحكومة بالطبع، لكن منهم أيضاً كل باقي القوى السياسية ومجمل التجمعات الشيعية أيضاً. أي الجميع ما عدا جماعة المقاطعة.

من هنا، فإن أمر تعديل قانون الدوائر مطلب عام. قد لا يكون بزخم وقوة مطلب الإبقاء عليه كما تدعي جماعة المقاطعة. لكن يبقى أن هناك أطرافاً كويتية، لها حقوق المواطنة ذاتها التي تملكها جماعة المقاطعة، ترى أن من حقها أن تطعن في القانون، وأن تعيد تشريعه، بحيث يكون من مصلحة المواطن الكويتي وليس من مصلحة فئة أو تجمع واحد. هذا حق.. وجماعة المقاطعة تدعي أن المقصود به باطل. لكن هذا الادعاء نفسه يبقى مثل ادعاء الطعن معرضا للشك به وبنواياه أيضاً، اللهم إلا إذا كان أعضاء المقاطعة واتباعهم وحدهم الملائكة وبقية الكويتيين شياطين.

إن الطعن في قانون الانتخاب حق للجميع، ولنفرض أن بقية القوى السياسية والتجمعات الأهلية التي أشرنا إليها حشدت وضغطت، تماماً مثل ما تهدد وتنذر جماعة المقاطعة الحالية، لو حدث ذلك، وهو حق أيضاً للبقية مثل ما هو حق لجماعة المقاطعة، أليس من المفروض في الحكومة أن تسمع أو ترضخ لهم مثل ما هو متوقع منها أن تسمع وأن ترضخ لجماعة المقاطعة. أم مرة ثانية أن جماعة المقاطعة غير؟!

***

لا أتعاطف كثيراً مع السيد فلاح بن جامع رغم الظلم والتعدي اللذين وقعا عليه من قبل «الإعلام الطازة» لكتلة الأغلبية. فالسيد الجامع هو من حشر نفسه وقبيلة العوازم في أتون الصراع السياسي، وبالتالي فإنه يتحمل مسؤولية أي نقد أو حتى تجريح وتشويه له أو لقبيلته. إن الزج بالقبائل في الصراع السياسي ليس من مصلحة هذه القبائل، خصوصاً أن الصراع هو بين أطراف اجتماعية تربطها بالقبائل علاقات الاحترام والمودة وحتى الولاء المتبادل. ففي هذا الصراع لا بد أن تنحاز القبائل أو غيرها لطرف ضد آخر، وهذا يضعها في مواجهة مع مؤسسات اجتماعية ورسمية قد تطال آثارها الإيجابية من لا يستحق أو السلبية من كف خيره وشره.

الزبدة على شيوخ القبائل وعلى نوابها بالذات ألا يجروا القبائل كمؤسسات إلى متاهات الصراع السياسي، خصوصاً معاداة السلطة، الذي قد يكون له ردة فعل غير محمودة تنسحب على الجميع.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.