وضع النطق السامي بمناسبة العشر الأواخر الجميع امام مسؤولياتهم لأنه قرع جرس الانذار مما يتهدد البلاد في حال لم يعد إلى رشدهم أولئك الذين يراهنون على وهم ان باستطاعتهم فرض ارادتهم على الشعب.
رسالة صاحب السمو واضحة ليس فقط لمجلس العصيان وميليشيا الابتزاز السياسي, بل ايضا لكل الكويتيين بان الانتماء الوطني لا يقبل القسمة على اثنين ولا يمكن رهن المصلحة العامة بأخرى فئوية أو انتخابية أو شخصية, ولهذا فان ما عانته البلاد طوال الفترة الماضية جراء “الممارسات السياسية الخطأ التي انتهجها البعض ادت الى عرقلة عملية التنمية في البلاد وأعاقت تنفيذ الاصلاح والتطوير, ما أدى الى اثارة قلق واحباط المواطنين”, لان الغالبية الشعبية اصبحت اسيرة رغبات ونزوات نواب لا يرون الا بعين مصالحهم واجنداتهم الخاصة, فعطلوا العمل التشريعي لمجلس 2009 بكثرة الاستجوابات والمعارك الجانبية وأسقطوا بضربة حقد المرحلة الثالثة من خطة التنمية, ولم يبتوا بالكثير من القوانين والمشاريع, وحتى في الاشهر القليلة من عمر المجلس المخلوع جعلوا بيت الامة مخفرا وتحولوا الى محققين لدرجة كادوا معها ان يحققوا مع كل كويتي متى يأكل وينام ويتنفس, واقترحوا وأقروا قوانين تخرج الكويت من مسارها الديمقراطي وطبيعتها الاجتماعية والاقتصادية, وكأن الانتخابات غير الدستورية التي اقتنصوا فيها بالتدليس غالبية ستكون آخر انتخابات في البلاد.
نعم, الشعب الان يتطلع الى خروج المؤسسات كافة وفي مقدمها الحكومة من زنزانة الخوف من أصوات نشاز تستخدم لغة “التشبيح” و”البلطجة” لتحقيق أهداف مبنية على نوايا خبيثة لا تريد الخير لا للكويت ولا لأهلها, فهذه الغالبية الصامتة التي دفعت من ارزاقها ومستقبل اولادها واستقرارها ثمنا باهظا لمعارك افتعلها مجلس العصيان لا يمكن ان تسمح بعد الان بأخذها رهينة مرة اخرى الى حيث تريد ميليشيا الابتزاز السياسي, فهي ذاقت مرارة الازمة الاقتصادية, واكتوت بنار تعطيل المصالح, وطعنت بسكين الفتنة الطائفية والقبلية غدرا, ورأت كيف حول مجلس الانانية المريضة ساحة الارادة الى ساحة سلب ارادة الوطن والشعب.
ألا يدعو للتساؤل: أن في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة لحظة فارقة وخطيرة جدا وبدلا من أن يعمل بعض من يفترض ان يكونوا ممثلين للشعب على تحصين الساحة الداخلية وتمتين اواصر العلاقات الوطنية ويدفعوا بالاقتصاد الوطني الى المزيد من القوة نجدهم يمارسون دور الطابور الخامس بصلافة من دون اي احساس بأهمية المسؤولية الملقاة على عاتقهم?
لهذا عندما ينبه ولي الامر الى”ان على الجميع ادراك ما يحدث حولنا من متغيرات ومخاطر وان يستشعر طبيعة الظروف والأوضاع الراهنة التي تستوجب اخذ الحيطة والحذر والتصدي لها”, فهو يقول للجميع ان يكون التكاتف والتلاحم سلاحهم في مواجهة كل من يثير النعرات ويهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي للوطن, لا ان يقع ضحية جماعة غوغائية لم تترك وسيلة الا واستخدمتها لإضعاف العزيمة الوطنية وتعطيل البلاد.
ولي الامر الذي يشعر بآلام الناس يتوجه الى الجميع بلغة ابوية ناصحة ترسم لهم الطريق لتقويم الاعوجاج الذي تسبب به البعض, حتى لا يكون آخر العلاج الكي فعندها لن ينفع الذين أخذهم غيهم الى حيث لا ينفع الندم البكاء على لبن سكبوه عمدا لان اوهامهم زينت لهم الباطل حقا, وهذا ما جعل السيل يبلغ الزبى فالمواقف الرعناء والعناد يكادان يحرقان البلاد.
الشعب اليوم يتطلع الى سمو الامير لإصدار مراسيم ضرورة تصلح كل ذلك الخراب الذي تسببت به ميليشيا التأزيم, وبخاصة على الصعيد الاقتصادي والقوانين المكملة لمشاريع خطة التنمية, واخراج البلاد من الشلل الذي تعانيه مؤسساتها كافة حتى لا يبقى ينطبق على وضعنا الاقتصادي قول الشاعر” كالعيس في البيداء يقتلها الظما … والماء فوق ظهورها محمول” لاسيما ان هجير الازمات الاقتصادية والسياسية يكوي الاقليم والمنطقة.
* أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق