أعتقد أن جزءاً كبيراً مما يجري حاليا في ساحتنا السياسية المحلية يشير إلى أن الصراع الحاصل ليس بين أفراد ديمقراطيين وآخرين غير ديمقراطيين. فالكويت وبحمد الله وفضله دولة مدنية وديمقراطية وبشكل إستثنائي إقليمياً. ولكن الصراع الفعلي الذي يحدث على مرأى أعيننا نحن الناس العاديين هو بين “إرادات شخصية وشخصانية للغاية” وما يبدو على حساب الوطن والمجتمع. وما يؤسف حقاً حول هذا الوضع الغريب هو إستمرار التغييب المتعمد للإرادة الشعبية الفعلية. وإستبدالها على ما يبدو بصراعات شخصانية بين بعض السياسيين المحليين, وكذلك إستمرار التدليس الذي يعمل عليه بعض المؤزمين بأن ما يحدث هو دفاع عن إرادة الشعب ! فما يدل على أن المماحكة والصراع الشخصاني الذي طغى أخيراً على ساحتنا المحلية هو بين مؤزمين فعليين يتنافسون حول مصالحهم الشخصية, وبخاصة في السياق الانتخابي هو استمرار حضور الأشخاص انفسهم دون غيرهم, واعتلاء هؤلاء, المنصات واطلاق الخطابات النارية, فلا يبدو ثمة علاقة مباشرة بين صراع هذه الإرادات الشخصية, وبين ما يعانيه المواطن العادي من غلاء الأسعار واستشراء الاستغلال التجاري وعدم احترام بعض المؤسسات والشركات التجارية الخاصة لحقوق المستهلكين.
على سبيل المثال, تصادم هذه الارادات الشخصانية, وبخاصة بين اولئك الذين لا يزالون يعتقدون أنهم وحدهم المؤهلون فقط للحديث عن شؤون المواطنين هي صراعات مدمرة ومعطلة للتنمية البشرية في الكويت. فليس من المقبول أن تستغل مجموعة من الأشخاص طاقات بعض الشباب لأغراض سياسية بحت أو أن يستمروا في استغلال حاجة المواطن الكويتي للتعبير عما يعانيه من أجل تحقيق مصالح شخصانية ضيقة. فلا توجد ديمقراطية على وجه الأرض يمكن لها أن تستمر بهذا النفس التناحري والشخصاني -بينما يتم تناسي وتجاهل حقوق ومطالبات المواطنين العاديين.
فالمحصلة المتوقعة لاستمرار تصادم أشخاص بعينهم واستمرار هؤلاء بالزعم أنهم يمثلون “إرادة الشعب” هو سلوك وتصرف مدمر للديمقراطية البناءة والهادفة. فلم يُعرف عن النظام الديمقراطي الحقيقي أنه تجاهل عن عمد أصوات ومطالبات الناخبين العاديين سواء وُجدت الأحزاب السياسية أو التيارات أو التكتلات البرلمانية, أو لم توجد. فالإرادة الحقيقية للشعب في أي مجتمع ديمقراطي من المفروض أن تجلب مزيداً من الانجازات للشعب أي للمواطنين العاديين, وليس بعضهم فقط, أو لأشخاص بذاتهم مازالوا يواصلون استغلال هذة الإرادة الشعبية لتكريس إراداتهم الشخصانية ضد مناوئيهم, والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق