من يتابع المشهد السياسي، منذ إقرار الدوائر الخمس وحتى اليوم، فسيلمس من دون شك، أن الجميع يعيش مأزقا سياسيا، سواء على صعيد الحكومة، أو على صعيد القوى السياسية والاجتماعية، ليس بسبب تقسيمة الدوائر، حتى وإن غابت العدالة عن مضامينها، ولكن بسبب عدد الأصوات الممنوحة للناخب، وهي أربعة أصوات.
جمعيتا تنمية الديمقراطية وحماية المال العام كانتا من أولى من دعتا إلى لقاء جمع القوى السياسية وجمعيات النفع العام، من أجل تعديل الدوائر الانتخابية، من دون أن تطرحا مشروعا محددا، بل كان الهدف هو تحضير المشهد السياسي لهذا التغيير، لكن الأحداث في ما بعد أخذت اتجاها آخر، وأصبح هناك صراع بين اتجاهين، أحدهما يريد خمس دوائر وأربعة أصوات، وآخر عشر دوائر انتخابية وصوتين.
ورغم أن الأخير كان مدعوما من رموز برلمانية لها وزنها، فإن الأجواء تبنت الأول.
التجربة أثبتت أن خيار الدوائر الخمس وأربعة أصوات كان مخالفا لرغبة المشرع في التخلص من الشوائب التي كانت تؤثر في المخرجات الانتخابية، وتدفعها إلى خيارات بعيدة عن الحاجة الوطنية. وليس عيبا الاعتراف بهذا الواقع والتراجع عنه، مهما كانت المبررات المطروحة على الساحة، فقد كرس خيار الدوائر الخمس كل ما كنا نريد التخلص منه في الدوائر الخمس والعشرين.
ليس مهما عدد الدوائر، وإن كنا نفضل أن تكون دائرة واحدة وقائمة نسبية، أي أن كل ناخب يصوت لقائمة، لكن المحور الرئيسي في التغيير هو ضرورة ألا يتجاوز حق الناخب صوتا واحدا، سواء كان لقائمة أو لمرشح، حتى نضمن التخلص من كل تلك الشوائب التي تؤثر في المخرجات الانتخابية، وإلا، فإننا سنعود إلى المربع الأول، وسندخل في متاهات جديدة ستشل من قدرتنا على التغيير الحقيقي.
الصوت الواحد هو المخرج من المأزق السياسي الذي تمر به البلاد الآن، وتبني أي طروحات أخرى لن يكون حلا أمثل، رغم أنه سيخفف من حجم ذلك المأزق، فأمر الصوتين سيبقي على جزء من المشكلة قائما، كما هو وصوت واحد إجباري في الدائرة نفسها وآخر خارجها سيؤدي إلى بقاء الوضع نفسه أيضا، لكن بشكل جزئي، والحل هو تبني الصوت الواحد، والخروج من مأزق لطالما أجج المشهد السياسي في الاتجاه الخاطئ.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق