عبداللطيف الدعيج: البادئ اظلم

جماعة المقاطعة ومن يتبعهم من الرعية، يحتجون على وصفهم بالمدلسين والكذابين. رغم انهم لم يفعلوا شيئا غير الكذب والتنصل من الالتزامات قبل التصريحات. وليس أدل على كذبهم من محاولاتهم المستميتة للتأكيد على «وحدتهم» وادعاء الانسجام بينهم حول اهداف مركزية محددة. في حين انهم تآلف متناقض لم يجمع بينه غير العداء الحاد لرئيس مجلس الوزراء السابق.

رفعوا شعار «إلا الدستور» قبل شهور من الانتخابات الاخيرة. وذلك للتصدي للاشارات التي أطلقها النائب علي الراشد لاجراء تعديلات جزئية على بعض مواد الدستور. هدفها المبسط، من وجهة نظره، تقليل التأزيم والخلاف بين الحكومة واعضاء المجلس لأنها تجعل من الاستجواب عملا جماعيا لاكثر من نائب، مما يضفي على الاستجواب الجماعية والاهمية ايضا. وكذلك الحال مع طرح الثقة في رئيس مجلس الوزراء، فتعديل النائب الراشد يستوجب اتفاق خمسة عشر نائبا وليس عشرة نواب من اجل تحقيق ذلك. هذه فقط كانت التعديلات المقترحة لعلي الراشد، ومع اختلافنا معها، تبقى مع هذا تعديلات جزئية وليست شرا مستطيرا استوجب تنادي جماعة المقاطعة للدفاع المزعوم عن الدستور.. ورفع شعار «إلا الدستور» داعين الى عدم المساس به.

بعد انتخابات 2012 وتوافر اغلبية مهيمنة على المجلس لنواب المقاطعة، فان شعار «إلا الدستور» تحول بقدرة قادر الى نقض هذا الدستور وتغيير معظم مواده عبر نسف النظام السياسي باكمله وتحويله من نظام شبه رئاسي الى نظام برلماني كامل، وأخيرا الى امارة دستورية، رغم ان نواب المقاطعة لم يوضحوا ما المقصود بذلك، لكنه من الواضح تغيير واسع واساسي في كل المواد التي تنظم العلاقة بين السلطات. الموضوع ذاته ينطبق على تعديل الدوائر الانتخابية، فأحد من المقاطعة لم يطرح امر تغييرها او التعديل فيها. لكن ما ان توافرت لهم الاغلبية في مجلس 2012 حتى اصبح هم تعديل الدوائر هاجسهم الاول والمقدم على كل التزاماتهم وشعاراتهم الانتخابية. والتعديل ليس الى تقليص او توسعة في الدوائر الانتخابية، ولكنه ايضا نسف لنظامنا الانتخابي واستيراد غريب عجيب لنظام الاحزاب والنسب والقوائم الحزبية.

ان الانتهازية واضحة هنا.. وانعدام المبادئ والمصداقية اوضح. فنواب المقاطعة مستسبعون اليوم ضد ما يعلنون هم انه استفراد للحكومة بتعديل الدوائر لانهم في سباق معها. هم يستهدفون تعديل الدوائر في الانتخابات المقبلة وفق مصالحهم. تعديلات الحكومة، رغم انها لم تعلن، قد تحرمهم من تحقيق الاغلبية القادرة على «العبث» الحقيقي بالنظام الانتخابي بل وحتى الدستوري.. لهذا يعارضونها ولهذا يستذبحون للتصدي لها.

طبعا الحجة هنا.. هي ان الحكومة تصادر سلطة الامة باجرائها التعديل الانتخابي المزعوم منفردة.. مرة ثانية، جماعة المقاطعة هم جماعة مجلس 1981 ذاتهم الذين عدلت الحكومة قانون الانتخابات منفردة لرزهم ودعمهم سياسيا، الشعبي نفسه وأحمد السعدون نفسه، السلف والتلف أنفسهم بالضبط لم يتغير شيء، والنواب القبليون أنفسهم.. لم يتغير شيء على الاطلاق. كان حلالا بلالا تعديل الحكومة المنفرد عام 1981 لانه دفع بهم الى الاعلى على حساب القوى الوطنية. اليوم هم يخشون، رغم ان خشيتهم ليست حقيقية، ان تعدل الحكومة بهدف تحجيمهم وليس رزهم كما فعلت في 1981.. لهذا يعارضون ويحتجون.

ومرة ثانية جماعة المقاطعة حلوا وأسقطوا مجلسا منتخبا انتخابا شرعيا من الامة الكويتية من ساحة الارادة. وليس من داخل مجلس الامة باعلان عدم التعاون كما يتطلب النظام الدستوري الذي رفعوا شعار الدفاع عنه. هم قبل الحكومة.. صادروا سلطة الامة وتعدوا على الدستور وأسقطوا السلطة التشريعية.. واليوم ينكرون على الحكومة التصرف في قانون من القوانين. لا ويقولون اصحاب مثل ومبادئ وبرامج وطنية.!!!

* * *

• علي العنزي مواطن احتجز رسميا من قبل دولة البحرين، عباس الشعبي، رغم اختلافنا معه ايضا، مواطن منع رسميا ايضا من دخول المملكة العربية السعودية، المواطن عصام الحوطي الذي اصر على البقاء في لبنان رغم كل التحذيرات.. اختطف من قبل مجرمين لا يمتون الى لبنان ولا الى اللبنانيين بصلة.. مع هذا قامت القيامة على لبنان واللبنانيين في حين لم يثر منع الشعبي او اعتقال الحدث علي العنزي اهتمام احد. هل من ازعجونا بـ «وطنيتهم» فعلوا ذلك تضامنا مع المواطن الحوطي ام لعقد وضغائن يحملها نواب المقاطعة ورعيتهم؟ أتمنى ان يطلق سراح المواطن الحوطي قبل نشر هذا المقال.. لكن ان نشر، لا سمح الله، والمواطن الحوطي مازال في الأسر، فرجاء من غير المختصين وغير المعنيين اكرامنا بسكوتهم!.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.