محمد العبدالجادر: أين محبو الكويت

في أحد واجبات العزاء بادرني أحد رجالات الكويت من كبار السن بسؤال مفاجئ أربكني وترك في نفسي أثراً عندما قالي لي: انت من الشباب، الذين يخوضون غمار الحياة العامة والسياسية! أبي أسألك سؤال، وكان يحدثني بالعامية الكويتية التلقائية! فأجبته: أي نعم. فقال: يا ابني هذي الكويت ماكو أحد يحبها؟! فقلت له وبسرعة: أكيد كلنا نحبها، ورد علي بالسرعة نفسها: هذا الكلام ينقال، ولكننا لا نمارسه بالأفعال!

وراح كالسيل المنهمر: أكو أحد يحب بلاده ويتمنى لها الخير، ويمزقها بالطرح الفئوي والطائفي والقبلي ويثير النعرات؟ أكو أحد يحبها يبوقها ويحلبها ويدمر مرافقها؟ أكو أحد يشوف كل شيء حلو في الكويت قاعد يتخرب وهو ساكت؟ أكو أحد يا ولدي يحبها ما يحترم القانون؟ إذا صدر حكم قضائي لمصلحته مدح، وإذا صدر حكم ضده قام يطعن ويهمز ويلمز؟ أكو أحد يفكر بمصلحة بيته وأولاده ما يرفع صوته على التفسفس (البذخ) واللعب في الحلال؟

أكو بلد ماشي على البركة؟! شوف الأمن يا ابني شوف الاستهتار المروري وشوف مطارنا شلون صاير؟ شوف حال الخطوط الجوية الكويتية شلون تركوها تخرب؟ شوف خسايرنا في النفط؟ فينا احد يا ابني مو شايف الغلاء بعينه ولا زحمة المرور ولا التلوث في بحرنا، ما تشوفون مستشفياتنا ما تشوفون اعيالنا مشتتين في الدنيا كلها ما عندهم جامعات؟ يا وليدي هذه بلد كان اهلها يحبون ترابها سمعتهم في العمل يعرفها اهل افريقيا والهند، هذه بلد كان أهلها يحلون مشاكل الناس بحكمتهم وعقلهم وينكم يا محبين الكويت؟!

انتهى كلامه وترك في نفسي أثرا وشجونا وانا ارى الكويت في حال وتمر بمرحلة احوج ما تكون الى محبيها والخائفين عليها، أين النخب الاجتماعية والسياسية ورجالات كانوا دائما مبادرين ولهم اصوات عاقلة ووطنية، اين المحبون وهذا الكلام يوجه للجميع: الحكومة والتيارات السياسية والناس؟! اذا لم يكن الحب يجمعنا، فيلجمعنا الخوف على البلد، الموضوع اليوم اكبر من قضية دوائر انتخابية او مصالح انتخابية، ازمة ادارة وازمة ثقة، الموضوع بلد ينتظر مبادرات لا تقوم على العناد، ولنسمع اصوات المحبين ولنسمع اصوات المبادرين.

د. محمد عبد الله العبد الجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.