الشعب أخرجهم من الباب ووزراؤك يعيدونهم من الشباك يا سمو الرئيس. هؤلاء الذين زحفوا على الادارات الدينية والمدنية والأمنية تحت غطاء البرلمان, فوظفوا الاتباع والمحاسيب والازلام واقاموا مزارع المحسوبية داخل مؤسسات الدولة, ها هم اليوم يعودون بعدما نبذهم الشعب, وابطل القضاء مجلسهم واسقط اغلبيتهم الى اختراق وزارات وادارات بعينها بتسهيل وغطاء من وزراء معينين “حدسيو” الهوى و”شعبيو” التوجه.
سمو الرئيس, ليس ما يجري من مناقلات و تعيينات في العدل والصحة والاوقاف والاعلام تحت شعار التطوير غير رضوخ لمطالب بعض التيارات السياسية المشبوهة, ففي الاوقاف حيث استهل وزيرها السابق جمال الشهاب عمله بوقف العمل بميثاق المسجد, واعادة الخطباء الذين خالفوا هذا الميثاق وأثاروا النعرات بين مكونات المجتمع, بل هاجموا الحكومة ورموز الكويت, اضافة الى غضه النظر عن جمع التبرعات بالاساليب المخالفة للقانون في شهر رمضان المبارك, واعادة تشكيل الجهاز الوظيفي في الوزارة وفقا لما تراه جماعة “الاخوان”, الى التعيينات المرتقبة التي يعدها كوزير للعدل في ادارة “الفتوى والتشريع”, وهي تعيينات مفصلة على مقاس انصار الجماعتين… وكل هذا ليس إلا جزءاً من مخطط الهيمنة الذي تنفذه تلك الجماعة.
قيل قديما”لا دخان من دون نار” وهذا المثل ينطبق على “الاوقاف” وما يثار عن تمويل مشبوه لبعض الجماعات مصدره الكويت, وحين تسلم مفاتيح هذه الوزارة الحساسة الى حركة سياسية تجاهر بارتباطها بجماعة في الخارج وتدافع عن خلايا ارهابية القي القبض عليها في بعض الدول المجاورة, الا يدفع ذلك الى السؤال عما يجري باموال الاوقاف ومن يديرها وكيف تصرف, أكان في الداخل على الحملات الانتخابية وتنفيع مؤسسات وشركات محازبي “حدس” او بتهريب بعضها الى الجماعة الام في الخارج لدعم مشروعها السياسي التخريبي في كل العالم العربي? نعم كل هذا عنوان رسالة واضحة ان “الاوقاف” مزرعة ل¯”الاخوان” ليس للحكومة سلطة عليها, وهو امر خطير جدا لا بد من التنبه اليه اذا كانت الحكومة تسعى الى اصلاح حقيقي وممارسة دورها من غير انتقاص.
اما في الصحة فحدث ولا حرج عما يمكن تسميته التدوير الانتقامي للمسؤولين, والتعيينات المحسوبة بدقة ميزان “حدس”, وكأن الوزارة “بقرة حلوب” احد اركان “الشعبي” يحلب ضرعا عبر الرحلات السياحية لاتباعه تحت شعار العلاج بالخارج, والضرع الاخر تحلبه جماعة “الاخوان” بالاحلال والتدوير والتعيين وكف ايدي بعض المسؤولين وتسليم “الخيط والمخيط” لاخرين من الانصار والاعوان.
ما يجري في الوزارتين مثال بسيط عما تشهده وزارات اخرى على سمو رئيس مجلس الوزراء الالتفات اليها ايضا ووقف هذا الزحف الممنهج او الانقلاب الهادىء على الارادة الشعبية الذي تنفذه كل من “حدس” و”الشعبي” لتحقيق اهدافهما من خلال الامساك بمفاصل الوزارات والمؤسسات الحكومية وتمكين هؤلاء من السيطرة على المؤسسات والاجهزة الامنية.
منذ سنوات يستخدم هؤلاء كل الاساليب من اجل الهيمنة على مؤسسات الدولة, أكان من خلال نوابهم الذين يرفعون هراوة الاستجواب بوجه وزراء لا يخضعون لهم فيرعبونهم بها لتحقيق مآربهم, او من خلال استغلال بعض الوزراء المؤيدين لهم للامساك- عبر توظيف الانصار – بمفاصل الادارات, فيما يعملون على ابعاد الموظفين الاكفاء حتى تخلو لهم الساحة.
حذار يا سمو الرئيس هذا التحرك فانه يحرق الاخضر واليابس, بل ان قادته يقبلون اليد التي تساعدهم ويسعون خلسة الى قطعها, لذا لابد من العمل فوراً على وقف هؤلاء عن تحويل مؤسسات الدولة حصان طروادة للانقلابيين كي لا تجد نفسك يوما محاصرا بهم يمُلون ما يريدون فيما تدار مؤسسات الدولة من جواخير “الشعبي” و”حدس”.
أحمد الجارالله
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق