السعدون: يشكك في مذكرة طعن الحكومة إلى الدستورية

أصدر النائب أحمد السعدون بيانا صحافيا اوضح فيه ان طعن الحكومة على الدوائر مخالف للدستور وقال انه على الرغم مما سبق ان علقت به على احالة الحكومة لقانون الدوائر الانتخابية الى المحكمة الدستورية بحجة شبهة عدم الدستورية الا انني أجد من المناسب اضافة بعض التعليق على جوانب أخرى من الموضوع والكشف – ولو بإيجاز – عن بعض ما صدر عن الحكومة من تناقضات في كل من مذكرة الطعن التي تقدمت بها الى المحكمة الدستورية وما ورد في المذكرة الايضاحية لمشروع القانون للدوائر الخمس المحال من الحكومة الى مجلس الأمة بتاريخ 2006/7/11 وذلك على النحو التالي:

(أ) بعض ماورد من أسباب الطعن في مذكرة الحكومة الى المحكمة الدستورية:

الا ان تطبيق هذا القانون وما ترتب عليه من زيادة التفاوت في أعداد الناخبين في دائرة عن أخرى نتيجة لنقل مقار الموطن الانتخابي وفقا للتصنيف الفئوي الذي اتسمت به بعض الدوائر أو استحداث مناطق وقطع جديدة وشغلها بمواطنين قد رتب الاخلال بشكل شديد في مقاييس العدالة والمساواة، فضلا عن أنه لا يخفى على أحد ما تشهده الساحة المحلية من تجاذبات ومظاهر اضعاف الوحدة الوطنية جراء النظام الانتخابي القائم حيث أدى الى المساس بالوحدة الوطنية وسلامة تمثيل الأمة، الأمر الذي يستوجب اعادة النظر في قانون الدوائر الانتخابية ابتغاء معالجة سلبياته وعيوبه وسعيا لتعزيز الوحدة الوطنية وذلك في ضوء التالي:

أ- أسباب مخالفة المادة الاولى للدستور:
نصت المادة الأولى من القانون رقم 42 لسنة 2006 المشار اليه على أن: (تقسم الكويت الى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الأمة طبقا للجدول المرافق لهذا القانون).

واذا كان من المسلم به ان تعداد الدوائر الانتخابية هو من اطلاقات السلطة التقديرية التي يمارسها المشرع العادي، الا ان تقسيم الدوائر وتحديد نطاق كل منها وكذا تحديد أعداد الناخبين فيها، ومدى تأثير ووزن أصواتهم في العملية الانتخابية برمته يستلزم مراعاة الضوابط الدستورية المقررة في هذا الشأن، بحيث لا يكون ثمة تمايز بين الناخبين، بأن يعتد بكل صوت انتخابي من الهيئة الانتخابية مع مراعاة تأثير ووزن هذا الصوت في العملية الانتخابية برمتها تطبيقا لمبادئ العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتساويهم في الحقوق والواجبات العامة، حتى يكون عضو مجلس الأمة المنتخب ممثلا للأمة بأسرها بالفعل، طبقا لأحكام المواد 7، 8، 29، 108 من الدستور، إعلاء للمكانة السامية لحق الانتخاب الذي يقوم عليه النظام النيابي الديموقراطي السليم.

متى كان ذلك، وكان الجدول المرافق للقانون رقم 42 لسنة 2006 سالف البيان والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من القانون سالف الذكر، وكذا المادة الأولى منه المطعون فيها، لم تراع فيه الضوابط سالفة الذكر،

وذلك على النحو التالي:

السبب الأول: التوزيع المناطقي أخل بقيمة الصوت النسبية.

لقد تم تقسيم الدوائر الانتخابية تقسيما جعل للصوت الانتخابي قيمة نسبية تزيد على الضعف في منطقة عن منطقة أخرى كما هو الشأن على سبيل المثال بالدائرة الخامسة بالمقارنة مع الدائرة الثانية، وكان هذا التفاوت بسبب التوزيع غير العادل للدوائر فاهتزت القيمة الانتخابية لصوت المواطن بين دائرة وأخرى، مما أخل بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وهو ما يمثل اخلالا جسيما للأحكام الدستورية، وتحديدا المواد 7، 8، 29 من الدستور.

(أأ) ما ورد في المذكرة الايضاحية لمشروع القانون للدوائر الخمس الذي تقدمت به الحكومة الى مجلس الأمة وصدر به القانون رقم 42 لسنة 2006 وهو كما يتبين مناقض لما أوردته الحكومة في مذكرة الطعن المقدمة للمحكمة الدستورية:

«هذا، وقد جاءت التعديلات في اطار المبادئ والقواعد الدستورية المستقرة التي تمنح المشرع سلطة تقديرية في مجال تنظيم الحقوق في اختيار النظام الأكثر ملاءمة وتحقيقاً للأغراض المتوخاة طالما كان تقديره قائماً على أسس موضوعية مستهدفاً غايات مشروعة كافلاً وحده تطبيق القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم أو أوضاعهم أو مراكزهم، وهو بذاته ما سعى اليه هذا التعديل تلبية لمقتضيات مصلحة وطنية عليا، ناهيك عن معالجة العيوب والمآخذ المترتبة على تطبيق النظام الحالي، والتي بدأت في التنامي والازدياد، خاصة ان التعديل المطروح لا يحمل بذاته أي مساس بالحقوق السياسية للناخبين والمرشحين على النحو الذي أورده الدستور، حيث يحرص التعديل على ان يتساووا جميعاً في الحقوق والواجبات الدستورية في أدائهم للعملية الانتخابية، بل يحمل التعديل بالقطع تدعيما لكيان الدولة وتثبيتا لأركانها وتحقيق التلاحم المنشود بين أبنائها».

ما الذي يمكن تصديقه؟

(التعليق): والآن ما الذي يمكن تصديقه؟ هل هو ما أوردته الحكومة في مذكرة الطعن بالدوائر الانتخابية التي تقدمت بها الى المحكمة الدستورية وجاء فيها

«ان ما تشهده الساحة المحلية من تجاذبات ومظاهر اضعاف الوحدة الوطنية جراء النظام الانتخابي القائم حيث أدى الى المساس بالوحدة الوطنية».

أو ما ذكرته الحكومة عن الدوائر الخمس ذاتها التي تقدمت بها الى مجلس الأمة عندما أوردت في المذكرة الايضاحية لها من أن:

«التعديل يحمل بالقطع تدعيما لكيان الدولة وتثبيتا لأركانها وتحقيق التلاحم المنشود بين أبنائها».
أو ان الأمر يحتمل هذا وذاك وفقا لما تراه تحالفات قوى الفساد والافساد والأطراف المعادية للنظام الدستوري؟؟؟

السبب الثاني: فقدان مبدأ التوزيع المتقارب لأعداد الناخبين:

«انه ومع التسليم باستحالة تحقيق التطابق والتماثل في اعداد الناخبين بين جميع الدوائر، الا أنه كان يتعين تحقيق التقارب النسبي بين هذه الاعداد في مختلف الدوائر وهو الأمر الذي لم يحدث ذلك ان التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية وفقا للمادة الاولى المشار اليها أدى الى ان صارت بعض الدوائر اكثر من الضعف من دوائر اخرى دون مبرر وفي الوقت الذي حدد لكل دائرة مهما كبرت أو صغرت عدد متساو من المقاعد في مجلس الأمة وهو ما يشكل اخلالا بالمبدأ الذي حرص الدستور على صيانته وهو تكافؤ الفرص للمواطنين والمساواة في الحقوق والواجبات وفقا لما تقرره المادتان السابعة والثامنة من الدستور مما يصم المادة الاولى من القانون رقم 42 لسنة 2006 بعيب عدم الدستورية من هذه الناحية».

التقارب النسبي لم يحدث

(التعليق): مع التأكيد على ما تضمنته الاقتراحات بقوانين وما سبق ان ذكرته على حسابي في تويتر من ان الدوائر الانتخابية يجب ان تتوافر فيها العدالة التامة والمساواة المطلقة الا أنه لابد من التعليق بايجاز أيضاً وبيان ان ما ورد في السبب الثاني في مذكرة الحكومة من ان التقارب النسبي لم يحدث، غير صحيح، ذلك ان الفارق في عدد الأصوات سنة 2006 بين أعلى دائرة (الدائرة 21) وأصغر دائرة (الدائرة 2) كان كل صوت واحد في الدائرة (2) يعادل ستة أصوات في الدائرة الـ(21) ولكنه تقلص في الدوائر الخمس كما تقدمت بها الحكومة الى: (1) صوت في أصغر دائرة وهي الدائرة (2) يعادل (2) صوت و%52 من الصوت في أكبر دائرة وهي الدائرة (5) وذلك في 2009 ثم تقلص وفقا لأرقام سنة 2012 كما هي مبينة في مذكرة الطعن التي تقدمت بها الحكومة الى المحكمة الدستورية الى: (1) صوت في الدائرة (2) يعادل (2) صوت و%48 من الصوت في الدائرة (5).

الاختيار والمفاضلة

وبذلك لو طبقت العدالة والمساواة – التي طالما نادينا بها – التزاماً بأحكام الدستور ولاسيما المواد 7، 8، 29 منه كما تقول الحكومة أنها حريصة على احترامها الآن بعد ان رفضت قبل ذلك جميع الاقتراحات بقوانين التي قدمت في فصول تشريعية سابقة كان آخرها في مجلسي 2009 و2012 وكانت هذه الاقتراحات بقوانين وخاصة الدائرة الواحدة بالقوائم النسبية والدوائر الخمس (بالصوت الحر) بما تضمنته تهدف الى تحقيق العدالة التامة والمساواة المطلقة لكل من الناخب والمرشح على حد سواء، فالعدالة التامة للناخب متحققة بتساوي الجميع في حقهم في الاختيار والمفاضلة على مستوى الكويت بالنسبة للقوائم أو المرشحين – بحسب الأحوال – والعدالة التامة والمساواة المطلقة متحققة للمرشح كذلك بفوز أول (50) من المرشحين حصلوا على أعلى الأصوات وبذلك لا يمكن ان يفوز بعضوية المجلس أي مرشح اذا كان هناك من هو أعلى منه في الأصوات من المرشحين ولو بصوت واحد ولم يعلن فوزه، بل وأصرت الحكومة على عدم تقديم أي تعديل على هذه الاقتراحات بقوانين أو أي بديل عنها.

تحديد العدد

واذا ما أردت التعليق الآن كذلك على ما نشر في العدد 13066 من جريدة الأنباء الصادر يوم الأحد 3 من رمضان 1433هـ الموافق 22 من يوليو 2012م من دراسة ذكرت الجريدة ان الحكومة قامت بتوزيعها، وبغض النظر عن رأيي في مضمونها أو فيما ورد فيها من اشارات الى تقسيمات غير مقبولة فئوية أو طبقية أو طائفية أو قبلية أو حزبية وعلى الرغم من كل ما جرى من محاولات لتقليص التفاوت بين أعداد الناخبين في مختلف الدوائر في هذه الدراسة فانه وان كانت العدالة التامة والمساواة المطلقة كما هو الحال في الدائرة الواحدة بالقوائم النسبية أو الدوائر الخمس (بالصوت الحر) لن تتحقق في هذا الاقتراح، الا انه ومن أجل تحقيق أقصى درجة ممكنة من العدالة لن يكون عدد الأعضاء الذين يحق لكل دائرة من الدوائر الواردة في الدراسة المشار اليها انتخابهم (10) أعضاء لجميع الدوائر بالضرورة حتى وان قلصت نسبة التفاوت في عدد الناخبين بين دائرة وأخرى كما تبين الدراسة المذكورة من %152 الى %17،
كما لا يجوز ان يكون ذلك وفقاً لأي اجتهاد أو سلطة تقديرية وانما يجب ان يخضع تحديد العدد الذي تنتخبه كل دائرة لقاعدة عادلة ثابتة معلنة ومقررة سلفاً في القانون من خلال مجلس الأمة صاحب الحق الأصيل في التشريع بحيث يمثل كل عدد من الناخبين عضوا واحدا ويكون تحقيق ذلك بقسمة اجمالي عدد الناخبين – بحسب الأحوال – وعددهم – في هذه الحالة – في الدراسة المشار اليها (419000) ناخب على اجمالي عدد أعضاء مجلس الأمة (50) عضوا، وتكون نتيجة هذه القسمة وهي في هذه الحالة 8380 ناخبا هو العدد اللازم من الناخبين لكل عضو.

وقال السعدون على الرغم من الاعتراض التام على كل محاولات الحكومة التي تسعى تحالفات قوى الفساد والافساد والأطراف المعادية للنظام الدستوري الى تحقيقها فان من الأهمية بمكان تفعيل أحكام الدستور ومن ذلك المادة 29 منه التي تنص على ان:

«الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».

مما يجعل بعض القوانين التي تفتقد الى هذه السواسية محل تساؤل ومن ذلك على سبيل المثال المادة (2) من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية.
المصدر”الوطن”

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.