الخروج إلى الشارع والتجمع وإبداء الرأي حق مشروع ومكتسب حسب الدستور الكويتي الذي نعتز ونفخر به، والذي يعتبر من الدساتير المميزة ليس في منطقتنا فقط، بل في الكثير من دول العالم, ولكن الحديث باسم الشعب ليس من حق أحد, فالشعب الكويتي يتميز بقدرة عالية على التمييز بين ما ينفع الوطن وما يضره.
ومن مزايا المجتمع الكويتي وجود الدواوين التي تعتبر مؤشرا وانعكاساً لما يدور في البلاد من قضايا وأطروحات، حيث تتباين
الآراء وتتصارع بين مؤيد ومعارض.
في الأسبوع الماضي وفي إحدى الديوانيات، وأرجو العذر لعدم ذكر صاحبها أو موقعها استقبلنا ثلاثة من الإخوة كانوا أعضاء في مجلس الأمة 2012 المنحل دستوريا، أحدهم ذو توجه إسلامي والثاني متعدد الألوان، أما العضو الثالث فلا لون له.
بدأ الأول بالضغط على زر “تشغيل” للشريط المعاد والمكرر, فالحكومة هي سبب الفساد، وهي التي تسعى إلى الانقلاب على الدستور والانقضاض على مكتسبات الأمة إلى آخر الشريط، ثم بدأ العضو الثاني بتشغيل نفس الشريط، ولكن بمفردات أخرى, أما العضو الثالث فقد كانت أطروحاته أشبه “بغطاوي أول” تحتاج إلى حل وتحليل.
بعد ذلك بدأ حديث رواد الديوانية الذي لخصه أحدهم بتوجيه كلامه إلى الإخوة الأفاضل, بأننا انتخبناكم في المرة السابقة لأننا توسمنا فيكم الخير لنا ولأبنائنا وللكويت وحكامها ونظامها الذي تسلمناه من أجدادنا لنقوم بتسليمه لأحفادنا بعد إضافة ما يمكن إضافته من خير وعطاء, لكن أملنا خاب.
فقد انصب جهدكم على تلميع “فلان” و”تزهلك علان”، وغدت الكويت وأهلها آخر اهتماماتكم, وأصبحت البيانات والنزول إلى الشارع هوايتكم, بل دعا بعضكم إلى إسالة الدماء في شوارع الكويت، وذلك من أجل الاحتفاظ بكرسي النيابة دون مراعاة لمشاعر أهل الديرة.
اعذرونا أيها الإخوة الأفاضل فلن نكون معكم المرة القادمة, لعل الله يهيئ للكويت من يحبها ويحرص على مصالحها وأمنها وسلامتها, فالكويت إن شاء الله هي الباقية، أما الأشخاص فزائلون.
بالطبع لم يسعد الإخوة هذا الحديث، فانصرفوا معززين مكرمين, وفي اعتقادي أن مثل هذا الحديث قد تكرر في عدد كبير من دواوين البلاد, والآن هل هناك من يلتقط طرف الخيط لزيادة حصار “الأغلبية”.
كما كان اللقاء أو التجمع الأخير في ساحة الإرادة الذي دعا إليه تجمع “نهج” ولا ندري أي نهج سيسلكون، فالكويت منذ نشأتها معروف نهجها للقاصي والداني, الفزعة وحب الخير والعمل به والأمن والأمان وحب الجار ومخافة الله هي المنهاج والمنهج, والتدريس عند “الملا أو المطوعة” كان أساسه الدين القويم ليس هناك مكان للسب والشتم والتخوين, أو مظاهر في الملبس والمظهر، وخطب باسم الشعب الذي عف عن الحضور، فاللهم لا شماتة.
وفي اعتقادي أن كتلة الأغلبية الآن محصورة بين أمرين أحلاهما مر؛ إما الاستقالة أو حل مجلس 2009، وفي هذه الحالة ستتلاشى جميع المزايا التي يحصلون عليها وأهمها الحصانة البرلمانية بمعنى الذهاب إلى القضاء بتهمة اقتحام مجلس الأمة, أو البقاء أعضاء في مجلس 2009، فتقر القوانين التي ستقفز فوق رؤوسهم أو تمر من تحت أرجلهم, والأيام حبلى بالأحداث ودعاؤنا دائم إلى الله سبحانه وتعالى بأن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق