خالد الجنفاوي: لسنا “أَيتامَك” لتَكون وَصِياً عَلَيْنا

أعتقد أن من يحاول السيطرة على إرادة الأمة وعلى مصائر عامة الناس عبر التقول عليهم أو عن طريق تقديم نفسه كالمدافع الأوحد عن حقوقهم يمارس الوصاية الأخلاقية, من دون وجه حق, وهذه الأخيرة اي الوصاية على حريات الناس الآخرين وحقهم في امتلاك آراء معارضة للأغلبية أو للأقلية في مجتمعهم تأتي مناقضة لكل بديهيات الممارسة الديمقراطية الهادفة. فلا يستطيع أي شخص من عامة الناس فرض سيطرته وغلبة صوته العالي وشزره المصطنع على إرادات الأفراد الآخرين المستقلين, بل ولا يمكن تحقيق وصاية أخلاقية خارج إطار الأسرة التقليدية حيث يتولى ولي الأمر وبشكل موقت الوصاية الأخلاقية على أطفاله الصغار لحين بلوغهم. فمحاولة فرض الوصاية الأخلاقية والثقافية والانتخابية من بعض الأفراد العاديين على عامة مواطنيهم تشير إلى عدم احترامهم لكراماتهم الإنسانية وتجاهلهم المتعمد لقداسة الحرية الشخصية والاستقلال الذهني.
بل أوجه كلامي في هذه المقالة لكل متنمر و»مُهايط« ولجوج بلا معنى والذي يتعمد خلط الحابل بالنابل, ومن أدمن تقديم نفسه كوصي على باقي خلق الله: من أنت كي تحاول فرض وصايتك على الناس الآخرين, فلسنا أيتامك لكي تكون وصياً علينا. فكفرد حر ومستقل وكمواطن يفتخر بهويته الكويتية ويعتز بثوابته الوطنية ويحترم مدنية مجتمعه ويقدر حريات مواطنيه الآخرين, لا يملك أحدهم حق فرض وصايته على ما أفكر به, ولا يملك الحق أيضاً في إقحام حشريته في حياتي الخاصة أو العامة.
أعتقد أيضاً, وكما كتبت في مقالة سابقة نشرت في هذه الصفحة : “حرية الفرد تتوقف عند حريات الناس الآخرين, أي في ما يتعلق بالحرية الشخصية والخيارات الفردية لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يطغى على حريات عامة الناس. ولكن من العلامات السيئة للتدخل الفج في الحرية الشخصية للأفراد الآخرين هي محاولة جماعة من الناس أو شخص معين, لا يمثل جهة رقابية حكومية, فرض الوصاية الاخلاقية على أبناء وطنه بسبب اعتقاده أنه مؤهل أخلاقياً أكثر من مواطني,ه أو يملك الحق في توجيه بني البشر الآخرين وتلقينهم, أو الوصاية على حرياتهم وخياراتهم الشخصية. ومن هذا المنطلق, فعلى من يريد الاستمرار في كسب احترام وحشمة الناس الآخرين أن يحشمهم لكي يحشموه ! أي عليه أن يبتعد عن محاولة فرض سيطرته على سلوكيات وخيارات مواطنيه الآخرين ما دام هؤلاء يمارسون حياتهم اليومية بشكل قانوني وحضاري وشخصي ومتمدن.” فلعل وعسى وربما ولو بعد حين«.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.