عبداللطيف الدعيج: لعبوا غيرها

جماعة المقاطعة أو المعارضة الجديدة حولوا المعركة السياسية الاساسية من معركة حول الديموقراطية والحرية إلى خلاف جزئي حول توزيع الدوائر الانتخابية وحول آلية التصويت. لم تعد المعركة، أو في واقع الحال، هي لم تكن اصلا معركة حول سيادة الأمة وحول حق الناس في تقرير مصيرهم، بل هي، حسب اولويات جماعة المقاطعة، خلاف على الكراسي والمقاعد الانتخابية وليس اكثر من ذلك.

بما ان الجماعة حوّلوا الامر كله إلى خلاف حول طريقة الانتخاب وآليته، أليس من حقنا ان نسأل: لماذا التعصب اذن؟ ولماذا الاصرار على الدائرة الواحدة على سبيل المثال وليس الدوائر المتعددة؟ ولماذا التمسك بالتصويت الجمعي، أي ان الناخب يختار الخمسين نائبا «جكي» وبقرار فردي ولحظة آنية يقرر فيها مصيره ومصير العالم معه؟

اننا على سبيل المثال نرفض باصرار وشفافية مشروع الدائرة الواحدة والتصويت الجمعي والترخيص للاحزاب السياسية التي يحاول البعض اخفاءها تحت مسمى «الهيئات السياسية»، نرفض ذلك بصراحة ووضوح لاننا نعتقد ان الناخب الكويتي لا يزال اسير التعصب القبلي والطائفي والعائلي. وانه سينتخب بحكم العلاقة وبتأثير «الميانة» وليس الافضلية أو الطرح السياسي. أي انه لن ينتخب اصلا ولن يقرر، بل سيتبع القرار القبلي أو الطائفي أو العائلي المسبق. ليس لدينا انتخاب ولا تصويت، بل التزام مسبق باحكام الطائفة وتقاليد القبيلة وروابط الاسرة. جماعة المقاطعة تعي ذلك تماما، وهي مهيمنة دينيا «طائفيا» وقبليا على الناخب، لذلك تعلم مسبقا بان الناخب، ولنسمه هنا بالمواطن فهو لا ينتخب اصلا، سيلتزم بالتصويت طائفيا وقبليا، وبالتالي سيفضل متخلفي المقاطعة على الاخرين. هم يريدون قائمتهم، الخمسة والثلاثين، بعد تزيينها ببقية القبائل قليلة العدد، واقتسام ما يفيض بينهم، وبالتالي الهيمنة الكلية على مجلس الامة. سهلة جدا، لن يكون هناك داع لتشكيل احزاب والعمل سنوات وربما عقود لحشد الناس. بل ضم نواب الفرعيات بقبائلهم، تماما كما حدث في الحشود لساحة الارادة، وجماعة المقاطعة ستكون «الائتلاف» الاقوى والاكبر والأقدر على حصد كل الكراسي طالما ان التصويت «جكي» لخمسين.

***

? قلوبنا مع الاخوة المعتقلين البحرينيين من قيادات ونشطاء المعارضة السياسية الذين صدرت بحقهم احكام قاسية، لا تتناسب ومساحة الحرية والسماحة التي تتمتع بها مملكة البحرين والشعب البحريني الشقيق. نثق باحكام القضاء ايا كان، لكن لا يمكن لنا الا ان نتذكر ان المحكومين يبقون في النهاية والبداية، نشطاء سياسيين لم يفعلوا اكثر من التعبير عن رأيهم في مجتمع يحكمه دستور وقوانين تكفل حرية الرأي والتعبير. لهذا ونحن نعبر عن قلقنا المشروع من هذه الاحكام نتمنى ان تجد القيادة البحرينية وسيلة لتصحيحها ولرد الاعتبار للقيادات السياسية البحرينية.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.