أرفض شخصياً محاولات الاستهانة بالحس الوطني لبعض المواطنين وبخاصة المعارضين في آرائهم للأغلبية البرلمانية السابقة. وفي ما يتعلق بتشكيك بعض من تأبطوا الوصاية على إرادة الأمة في نزاهة بعض مواطنيهم الآخرين وإلقاء التهم المفبركة على الأبرياء, وبخاصة أولئك الأفراد الأحرار والمستقلون الذين لا يتفقون مع توجهات الأغلبية البرلمانية السابقة. فما إن يصبح الاتهام المفبرك للمعارضين في آرائهم ديدن مناوئيهم يسومونهم العذاب ويطلقون عليهم أسوأ الصفات فمرة يتهمونهم انهم “قوى الفساد” ومرة “الأطراف المعادية للحياة الدستورية” و”أيتام فلان من الناس” فسيؤدي ذلك إلى إضعاف الحس الوطني. وهذا الأخير (الحس الوطني) يشير إلى توافق أغلبية أعضاء المجتمع وقبولهم التام بثوابت وطنية أهمها تشاركهم في المسؤولية الوطنية تجاه مجتمعهم وتساويهم في الحقوق والواجبات والمسؤوليات المدنية. فإذا تجشم البعض عناء اتهام معارضيه بأنهم يفتقدون الحس الوطني فقط لأنهم يعارضونه في الرأي فسيؤدي ذلك إلى إضعاف النسيج الاجتماعي, لا قدر الله.
بل من المفروض أن يحرص الديمقراطيون الحقيقيون والذين يرغبون فعلاً في تطوير مجتمعهم وفق معايير عالمنا المعاصر والحر على البعد كل البعد عن قذف شخصيات معارضيهم أو التقول عليهم أو شن حملات إعلامية وتويترية ضدهم إستناداً إلى اتهامات باطلة وظنون شخصية لا ترتكز على دلائل مادية واضحة.
بل من المفروض ألا ينحدر الخطاب السياسي بين الناشطين في ساحتنا المحلية الى مستوى قتل شخصيات معارضيهم واتهامهم بشكل مباشر أو غير مباشر بأنهم لا يمتلكون حساً وطنياً فاعلاً فقط لأنهم ينظرون إلى القضايا المحلية بشكل مختلف.
أعتقد أيضاً أننا جميعنا, ككويتيين, نمتلك حساً وطنياً فاعلاً ونميل الى تفضيل المصلحة الوطنية العامة على المصالح الشخصية المؤقتة. ومن هذا المنطلق, لا يملك أحدهم الحق في اتهام الناس الآخرين بما ليس فيهم فقط لأنهم لا يوافقونه الرأي أو لأنهم يقفون مواقف معارضة لتوجهات سياسية معينة. فنحن جميعنا شركاء متساوون في هذا الوطن. ومن يملك دلائل مادية وبراهين واضحة ضد البعض ويعتقد أنهم يتعدون على المال العام فليتجه مباشرة إلى النيابة العامة ويُفَعِّل دوره كمواطن خفير على وطنه, أما الاستمرار في ركوب موجة المعارضة السياسية للمعارضة فقط, ونعت الطرف الآخر بما ليس فيه فقط لأنه مختلف أو لأنه يعارض توجهات سياسية وانتخابية معينة فربما سيؤدي ذلك الى اضعاف الحس الوطني وسيضعف تماسك المجتمع وسيوهن العلاقات الاجتماعية والوطنية الراسخة بين عامة الناس (الحس الوطني), لا قدر الله.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق