في كويتنا, يعرف الرجل كيف يخلق لنفسه لبنانه الخاصة, فالأغاني التي يشاهدها بين الحين والآخر في تلفازه الكبير تتحول الى واقع جميل في النهار التالي, الملابس التي يرتديها بالألوان التي يريد, الاساور الرجالية الخشبية والسلاسل المتوارية على الرقبة من تحت القميص, يصبغ الشعر ليكون اسود كثيفا ويهذب الشارب ليظهر الوجه الذي وراءه شابا, يافعا وجميلا… ونحن لا نعترض, بل شخصيا اشجع الرجال للاهتمام بالنفس والشكل الخارجي والالوان اينما وضعت وكيفما لبست.
في كويتنا… يعرف الرجل ايضا كيف يخلق لنفسه اميركته الخاصة, فالأفلام التي يشاهدها ليلا مع زوجته تتحول في نهاية الأسبوع الى واقعه السري… يسهر لوحده في الحفلات الصاخبة مع صديقة يعرفها, ويشرب ليلا بعيدا عن اعين الناس, ويتنزه مع مجموعة أخرى من اصدقاء اجانب ومحليين من الجنسين على شواطئ الدولة مزدوجة الهوية بعيدا عن اعين الأسرة والمجتمع. فجأة يقرر وهو في الكويت ان يعيش تجربة شواطئ ميامي بلا قيود ولا حدود.
أراهم من بعيد… وأسمع عنهم من احد اقرب اصدقائي… وأنغمس في تفكير مرير ما ان اتخيل ان الزوجة لازالت تضع عباءتها السوداء فوق رأسها وتذهب لتحضر الأطفال من المدارس, تنام ظهرا لتستيقظ وكتب الأطفال تحت وسادتها لتبدأ بمنهج التدريس المنزلي. وكل ما تصبو اليه من ترفيه هو زيارة والدتها بعد صلاة المغرب او التجمع مع اخواتها في احد اقرب المنازل.
غريب, كيف تنتقل الأخبار للأشخاص الخطأ وتتوارى عن الأشخاص المعنيين لكي لا يعرفوا حقيقة ما يدور حولهم في حياتهم اليومية? هل حقا لا تعرف الزوجة ان رجل البيت لديه منازل شبابية عدة اخرى يرتادها كل يوم, يسهر, يشرب… ويمسك بيد صديقته الجميلة الرشيقة الأنيقة ويرقص معها على انغام موسيقى غربية? هل حقا لا تعلم انه يستقبل صيفا من نوع آخر كل عام? شاطئ آخر مع سيدات يرتدين “البكيني” في الكويت ويلعبن كرة الطائرة على رمال الشاطئ? هل حقا لا تعلم الزوجة? أم انها ببساطة لا تريد ان تعلم?
اعتقد ان الكويت تدفعنا من دون ان تدرك الى عيش حياتين في آن واحد… الحياة التي يرضاها المجتمع ويحترمك لأجلها والحياة التي نريد ان نعيش. في الأولى تظهر أمام الناس والأسرة والزوجة, والثانية تظهر ليلا كالخفاش لكي لا يراها احد ولا يسمع عنها الآخرون. لماذا لا تتوحد الرغبة مع الواقع? ولماذا لا نكون التغيير الذي نريد ان نراه? لماذا لا نشرك النائمين في حياتنا الليلية? ولماذا لا تكون الزوجة مع شلة اصحاب الشاطئ ترتدي “البكيني” وتقفز لتضرب الكرة من بين ضفتي الشبكة? هل نحن متزوجون? ام مزدوجون? واخيرا, اذا كانت الزوجة نصفنا الآخر, فلماذا نتركه بالظلام?!
sjm1306@gmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق