ناصر العبدلي: حكومة جابر المبارك

لوم الشيخ جابر المبارك وحكومته على إحالة قانون الدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية ليس في محله، بل يفترض بنا أن نوجه اللوم لهم على عدم إحالة ذلك القانون إلى المحكمة الدستورية لفترة طويلة، كان بالإمكان خلالها تجاوز الكثير من الثغرات والتردي في الحالة السياسية، لأن المكابرة تجاه ذلك القانون السيئ ليست من مؤشرات العمل السياسي والبرلماني الصحيح.
قانون الانتخابات الحالي، وقد كنت أحد المدافعين عنه قبل إقراره، ثبت أنه قانون سيئ من خلال الممارسة، فهو وإن كان أخرج لنا بعض النواب المميزين، إلا أنه أخرج لنا ما يسمى بالنواب «القبيضة»، والنواب «التبع»، وهو أمر يتعارض مع طموحاتنا في تطوير الحياة السياسية والبرلمانية، فنحن لا يشرفنا أن يمد نائب يمثل الأمة يده على المال العام، تحت أي مسوغ كان، ولا يشرفنا أيضا أن يكون من بين نوابنا من لا يملك رأيا مستقلا، وإذا امتلك يخاف أن يصدع به حتى لا يغضب الآخرين.
وجود الشيخ جابر المبارك في موقعه الحالي كان فرصة للشعب الكويتي لتجاوز كل تلك العثرات التي سببتها الحكومات السابقة، فالرجل كان متعاونا مع مجلس الأمة إلى أبعد الحدود، ولم يفرض على أي من جلسات مجلس الأمة جدولا معينا، بل ترك لما يسمى الأغلبية البرلمانية حرية تحديد المقترحات التي تدرج على جدول أعمال مجلس الأمة، ومع ذلك أخفقوا في التفاهم على أي من تلك المقترحات، التي انتخبهم الشعب من أجلها.
الحكومة الحالية طوت ملف ما يسمى بالإعلام الفاسد، وتمكنت من الحد من تطاوله على أي من الرموز الشعبية، وظلت تعمل جاهدة على التخلص من تلك السلبيات التي سممت الحياة السياسية المحلية، بقدر ما تستطيع، رغم أن الوقت لم يتمكن من إسعافها في بعض المراحل، كما أنها تمكنت من إغلاق ملف الشخصيات «الكرتونية»، التي تبناها بعض المتنفذين من أجل دق إسفين بين مكونات المجتمع الكويتي، بالإضافة إلى إيقافها التجاوزات في بعض المشاريع الخدمية، والحرص على أن تكون تلك المشاريع شفافة كما يجب.
المعركة الحقيقية ليست معركة الدوائر، فما يسمى بالأغلبية تعرف أنها غير عادلة، ومع ذلك لم تحرك ساكنا تجاهها، وتعرف أيضا أن أربعة أصوات تكرس الطائفية والقبلية، ومع ذلك صمتت رغم أن المصلحة العامة تقول إنها خطر على وحدة المجتمع، وهرولت للأسف خلف المصالح الانتخابية على حساب مصلحة الوطن، إذا كان الشعب الكويتي يريدكم فسيصوت لكم مهما كان حجم الدائرة، ومهما كان عدد الأصوات فلا تفتعلوا معركة وهمية، من أجل مصالح انتخابية.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.