عبداللطيف الدعيج: ومن يحميه من النواب

«.. الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الاصلاحات السياسية..» التي تشكلت من خليط من الاسماء المعروفة وغير المعروفة من قبل جماعة المقاطعة قبل ايام، عليها العديد من الملاحظات. ورغم ان «الجبهة»، اي جبهة، هي تشكيل عريض لجماعات وافراد لا يجمع بينهم الا الحد الأدنى من الاتفاق المعلن عنه، فان ما يسمى بالجبهة الوطنية يفتقد في نظرنا حتى هذا الحد الادنى من الاتفاق. اذاً كما يبدو فان الهاجس الاساسي كان ضم أكبر عدد، والهدف رص صفوف الافراد من مختلف الجماعات والاتجاهات، بغض النظر عن الايمان أو الاتفاق الاساسي على اهداف الجبهة الاساسية ومبادئها. بينما الهدف الاساسي ليس الدفاع عن الدستور بقدر تخفيف الضغط عن جماعة المقاطعة وخلق جو موائم لكتلة الاغلبية.

هدف الجبهة الاساسي المعلن هو «حماية» دستور 1962، لكن مؤسسي الجبهة اذكياء، أو هم يتذاكون إلى حد الغباء، حيث يعلنون بالخط العريض ان هدف الجبهة الاساسي هو تعبئة القوى والطاقات وتنظيم التحرك الجماعي لإفشال مخطط «السلطة» – رجاء لاحظ «السلطة» – ولرفض العبث بمقومات وضمانات المواطنين الدستورية. ويعدد الجبهويون المقومات والضمانات الدستورية التي يريدون حمايتها، ومنها بالطبع حق الانتخاب والحرية الشخصية وحرية العقيدة وحرية الرأي وحرية الاجتماع.. الخ. في رأي الجماعة، فان «السلطة» تستهدف هذه الحريات وان الجبهة الوطنية، التي هي اسم على غير مسمى، سوف تتصدى لهذا الاستهداف والعبث.

كلام جميل جدا، لكنه بحاجة إلى دليل وامثلة واقعية. مثلاً من الذي اعترض على حق المواطنة في الانتخاب.. رئيس مجلس الوزراء ام النائب فيصل المسلم والنائب مسلم البراك؟ من الذين وقعوا على بيان انشاء الجبهة؟ هل السلطة هي التي هددت بهدم الكنائس ومنع الحسينيات ام بعض الموقعين على بيان الجبهة الوطنية لحماية الدستور؟ من الذي يتدخل في الحرية الشخصية؟ من يمنع المواطنين من حضور الحفلات الغنائية.. الحكومة ام بعض اعضاء الجبهة الوطنية لحماية الدستور؟! من الذي سن قانون الاعلام البغيض واشترط ولا يزال يشترط تغليظ العقوبات، وآخرها عقوبة اعدام من يعلن رأيا.. الحكومة ام من تتصدر اسماؤهم بيان الجبهة؟ من الذي استجوب وزير الاعلام مرتين في مجلسين متتاليين لانه، حسب الزعم، تراخى في تطبيق القانون وتسكير القنوات التي لم تعجب جماعة الجبهة، أو الصحف التي لم تطبل لهم؟! من الذي دعا وحرض «السلطة» وفي ساحة الارادة – مع الاسف – على التعدي على حرية الرأي، الشيخ محمد العبدالله ام خالد الفضالة وأحمد الديين، قطبا تأسيس الجبهة وزعيماها؟!

لماذا «السلطة» فقط هي المستهدفة من كل اخرق وعاجز في هذ البلد، بينما اعضاء مجلس الامة المسؤولون الاوائل عن كل التخلف والتسيب والجمود الذي نعيش، يكرمون ويؤلهون، يهتف لهم الكبار ويقدسهم الشباب.. لدرجة ان خسارة ثلاثة مليارات دولار مرت ولم تثر انتباه احد.. بينما منذ التحرير وحتى الآن نحن ننوح على 150 مليون الناقلات؟!

بالعربي: من هو الاكثر خطرا ــــ بـ«الملموس» والدليل وليس بالتكهن والافتراء ــــ على الدستور.. السلطة ام مجالس الامة الخائبة التي تلت العبث الاول والحقيقي بالدوائر؟! هل يجرؤ أي من مؤسسي الجبهة على الاجابة عن هذا السؤال.. خصوصا الزميل حسن العيسى الذي تشره بقوة على من قاطع اجتماعات تأسيس الجبهة؟! منذ 1981 ومجالس الامة هي التي تنتهك الدستور وهي التي تعطل كل المواد الضامنة لحقوق المواطنين، وآخرها حق التجمع الذي اعادته المحكمة الدستورية وضيعه «نواب الامة»، عندما قبلوا بحصر التجمعات في ساحة الارادة. اذا.. لماذا لم يعن مؤسسو الجبهة بحماية الدستور من «الموقعين» على بيان الجبهة انفسهم، أو على الأقل إلغاء لفظ «السلطة» واستبداله بلفظ شامل يتصدى لكل من قد يعبث بالدستور، أو اعلانها صريحة وواضحة كما يجب، بالتصدي للعبث النيابي اولا والعبث السلطوي بعده بالدستور وبالحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين؟

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.