“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ” (البقرة- 172)
يصعب تصور أو حتى تخيل حالة العقل الإنساني عندما يزيد عدد الديماغوجين-المهيجين الأزليين للجماهير. وفق رأينا, يهدد وجود عرابي الغوغاء “سلامة عقل” الفرد العادي وخصوصا بالنسبة لأتباعهم ومريديهم والمخدوعين بهم. الديماغوجي والمتكسب الأناني سيأتي كل أمر خزعبلاتي وفوضوي من أجل تحقيق مصالحه الدنيوية الشخصية, ولن يأبه إن نتج عن أفعاله طوفان مدمر! تأثير هذا النوع من مثيري الشغب والبلبلة في المجتمع سلبي للغاية ومدمر للصحة النفسية والذهنية ليس للفرد العادي فقط بل شرهم على المجتمع ككل.
الديماغوجيون يحاولون زرع الشقاق والكره بين أعضاء المجتمع ليس حبا لفئة أو لطائفة أو لجماعة معينة, ولكن من أجل السيطرة على مصائرهم. فخطاباتهم النارية تدعو عادة للعصيان ولنكران الجميل وهم بذلك ينشرون القلق النفسي في المجتمع ويحكمون قبضتهم عليه لأنهم يحاولون تدمير الوفاق المجتمعي ويقطعون علاقات الرحمة والمودة بين الأفراد وبين مجتمعاتهم وحتى بين ولاة أمورهم. ولن يستقر ولن يهدأ عقل ولا منطق ولن تدوم راحة وطمأنينة ذهنية ما دام الديماغوج يصول ويجول من دون رادع: الأمم والمجتمعات الناجحة تجد العلاجات المناسبة للقضاء على “وباء الديماغوجية” عبر تطبيق القانون والحذر والاستعداد بشكل كامل لسيناريوهات التخريب وعبث الشر.
الفرد العادي يستطيع أيضاً درء فساد الديماغوج وتأثير هلوسته الخزعلاتية عبر التمسك بثوابته الوطنية وتحكيم عقله وتفكيره السليم. فبالنسبة للإنسان العاقل: وسائل وغايات وحتى فرضيات الديماغوج لا تنشر العدل ولا المساواة ولا تحفظ حقوق الناس, بل تُهيج مشاعر عامة الناس فقط من أجل تحقيق نزوات شخصانية لا تخرج عادة عن كسب مزيد من النفوذ في المجتمع على حساب الوطن.
حري بالفرد العاقل أن يدرك أن من يحاول تشويش ذهنه عبر تكبيله بالأكاذيب والخزعبلات الديماغوجية ويبث فيه الخوف وينزع منه الطمأنينة انه يرغب فقط في السيطرة عليه وحرمانه بعد ذلك من الحرية الحقيقية وهي حرية العقل والتفكير السليم والمنطقي.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق